للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفى خامس عشرى صفر قُبض على يشبك وشيخ بين يدى الناصر واعتُقلا بدار السعادة، فبلغ ذلك جركس المصارع فهرب وهرب جاهينُ دوادار شيخ وجماعة،، ثم هرب أتباع شيخ وأتباعُ يشبك أولًا فأولًا، ثم هرب علَّان وجانم وإينال المنقار وخلقٌ كثير فوق الخمسمائة من الأمراء والخاصكية والمماليك فتفرقوا في البلاد، ووصل كثير منهم إلى نوروز، منهم: علَّان وإينال المنقار وجانم وجقمق أخو جركس فآواهم - وجقمق هذا هو الذي ولى السلطنة بعد اثنتين وثلاثين سنة من هذا الوقت - واستقر بيغوت في نيابة الشام.

وفى تاسع ربيع الأول قُبِض على تمراز نائبِ الغيبة بالقاهرة وحُبِس بالبرج بأمر الناصر واستقر مكانه سودون الطيار، وكان تمراز قد صرف الشيخ محمد البلالي عن مشيخة سعيد السّعداء وقَرّر فيها الخادم خضر السرّائي، فلم يلبث أن قُبض عليه بعد إثنى عشر يومًا، فعُدَّ ذلك من كرامات البلالي وتكلَّموا له فأعيد وعَزل خضرا.

ولما حُبس يشبك وشيخ بالقلعة خدعا نائبَ القلعة ووعداه وأوسعا له في الأماني فانخدع رعمل على إخراجهما والهرب معهما، وكان الناصر قد دخل عليهما ليْلًا وبيده سيف فعاتبهما وأراد قتْلَهما، فاتفق أنَّهما ترقّقا له فتركهما تلك الليلة (١)، فأصبحا هاربَيْن وذلك في ثالث ربيع الأول، فهرب كل واحد في جهة، فأرسل الناصر بيغوت - الذي قرره في نيابة الشام - في جيشٍ فاتَّفق أنهم أدركوا نائب القلعة واسمه "مُنْطَق (٢) "فقتلوه ورجعوا رأس وخفى خبر يشبك وشيخ.

فأما شيخ فإنّه اختفى بدمشق بغير اختيارٍ فإنه واعد فرسه في مكانٍ معيَّنٍ، فأبطأ عليه حتى فضحه الصبح لما أراد الله من بقائه، وأمّا يشبك فإنَّه استمر هو وسودون بُقْجَة وجركس وتَمَامُ أربعين نفسًا اجتمعوا عليه وساروا إلى جهة حمص، ثم لحق به شيخ وطائفةٌ كبيرة، وأرسلا شاهين إلى جهة حلب بكشف الأخبار، فظفر به نوروز فسجنه بقلعة حلب. ورُوفع


(١) أمامها في هامش هـ "عفو الناصر عن قتل شيخ وقد سجنه لأمر أراده الله الذي لا مرد لأمره".
(٢) الضبط من ز.