للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهو الذي ردّ سعر الفلوس إلى الوزن وكانت قد فحشت جدا بالعدم حتى صار وزنُ الفلس خرُّوبتين.

وكان يذكر أَنه من أَهل سمرقند وأَنّ أَبويْه سمّياه "يوسف"، وأنه سُبِي فجُلِب إلى مصر مع تاجرٍ اسمه "سالم"، فنُسب إليه فاشتراه برقوق وصيّره من الخاصكية، وأَوّلُ مانبَّه ذكرَه ولايةُ خانقاه سعيد السعداءِ وذلك في جمادي الآخرة سنة ٩٧؛ وكان يُكْثِر الاجتماع بالعلماء، ثم ولى إمرة عشرة في تاسع شعبان سنة إحدى وثماني مائة ونظرَ خانقاه شيخون فباشره بعنف، ثم صار أَحد الأَوضياءِ لبرقوق، وهو الذي قام بتحليف الأُمراءِ للنَّاصر، فأَوّل ما نُسب إِليه من الجور أَنه أَنفق في المماليك نفقة البيعة: على أَن الدينار بأَربعة وعشرين، ثم نودي عند فراغ النفقة بأَن الدينار بثلاثين، فحصل الضرر التام بذلك.

ثم استقرّ في الأُستادارية في ثالث عشر ذي القعدة سنة سبعٍ فسار سيرةً حسنةً عفيفةً، وأَبطل مظالمَ كثيرة منها تعريف منية ابن بني خصيب وضمان العرصة وأَخصاص الغسّالين وأَبطل وَفْر الشُّونَ، وكسرما بمنية السيرج وناحية شبرا من جرار الخمر [وكان] شيئًا كثيرًا، وتشدّد في النظر في الأَحكام الشرعية، وخاشن الأُمراءَ وعارضهم فأَبغضوه، وقام في سنة ثلاثٍ وثمانمائة فجمع الأَموال لمحاربة تمرلنك فشنعت عليه القالة كما تقدّم.

وقُبِض عليه في رجب منها وتسلَّمه ابنُ غراب وعمل أُستادارًا وأَهانه، وعوقب وعُصِر ونُفِى إلى دمياط، ثم أُحْضر في سنة خمسٍ وثمانمائة وقُرّر في الوزارة والإشارة، فباشر على على طريقته في العسف، فقُبض عليه وعوقب أيضًا وسُجن، ثم أُفْرِج عنه في رمضان سنة سبع وعمل مشيرًا فجرى على عادته، ثم قُبض عليه وسُلِّم لجمال الدين الأُستادار فعاقبه ونفاهُ إلى الإسكندرية فرجمَتْه العامّة وهو يسير في النيل، فلم يزل بالسجّن إلى أَن بذل فيه جمالُ الدين للنَّاصر مالًا جزيلًا فأَذن في قتله فقتل. وكان له مروءَة وهمة عالية.

* * *