وفيه استعفى نجم الدين بن حجيّ من قضاء دمشق فولاَّه الناصر للباعوني، وقرّر ابن حجّي في قضاء طرابلس، وصُرف ابنُ القطب عن قضاء الحنفيّة وقُرّر شهاب الدين ابن الكشك.
* * *
وفي آخر صفر ركب الخليفةُ والقضاةُ بأَمْر النَّاصر ونادى في الناس بدمشق يحضّهم على مقاتلة شيخ في كلامٍ طويل يُقرأُ من ورقة.
وفي الثانى من ربيع الأَول برز النَّاصر إلى جهة صرخد ففرّ إليه من الشيخيّة: برسباي وسودون اليوسفي، ووصل إلى قرية عيون تجاه صرخد في السابع من ربيع الأَول ووقعت الحرب، فقُتِل من الفريقَيْن ناس قليل، وفرّ جماعةٌ من السلطانية إلى شيخ فاشتدّ حَذْرُ الناصر مِن جميع مَن معه وتخيّل أَنَّهُم يخذلونه إذا التقى الجمعان فبادر إلى القتال، فانهزم تمراز -وكان في مقدّمة شيخ- وثبت شيخ، ولم يزل يتقهقر (١) إلى أَن دخل خذلانَ مدينة صرخد وانتهبَ السلطانية وطاقهُ وجميع ما كان لأَصحابه من خيلٍ وأَثاث، وفرّ شيخ فدخل القلعة ومعه ناس قليل، فأَصعَد الناصرُ طائفةً من مماليكه إلى أَعلى منارة الجامع ورموا عليهم بالنفطِ والحجارة والأَسهم الخطَّائية وانتهب مدينة صرخد، وانهزم تمراز وسودون بقجة وسودون الجَلَب وسودون المحمّدي وتمربغا المشطوب في عددٍ كثير إلى جهة دمشق، فأَرادوا أَن يهجموها فمنعتْهم العامة، فرجعوا إلى جهة الكرك وتسلَّل كثير منهم فدخلوا دمشق، ووَصل كِتَاب الناصر عقبهم بأَنّ من ظفر بأَحدٍ من المنهزمين وأَحضره فله أَلف دينار، فاشتدّ الطلب عليهم.
وفي نصف ربيع الآخر قُبض على الكليباني والي دمشق وضُرِب ضربًا شديدًا، وعلَى علم الدين وصلاح الدين ولدَيْ ابنِ الكويز لكونهما مِن جهة شيخ، وكذلك الصفدي، فتسلمّهم نوروز، وطَلب الناصرُ المنجنيق من دمشق إلى صَرْخد فنصبه على القلعة وكان شيئًا مهولًا وصل إليه على مائتي جمل، واستكثر مِن طلب المدافع والمكاحل من الصُّبَيْبَة وصفد ودمشق ونصبها حوْل القلعة، فاشتدّ الخطب على شيخ ومَنْ معه فتراموا على الأَمير تغري بردي