النَّاصر يظهر الخرس إلى أَن أَقبلت الدولة المؤيّدية فتكلم بعد ذلك من قوة تمكنه من عقله وعظم جلده وصبره، ولم يمتنع أَيضا من الكتابة بل كتب مع فساد بعض أصابعه لكن دون خطه المعتاد.
وفي سابع رجب أعيد ابن شعبان إلى الحسبة وعُزل الطويل، ثم عُزل ابن شعبان واستقرّ محمد بن يعقوب الدمشقي في ثامن عشرى رجب، ثم صُرف في ثاني شعبان واستقرّ كريم الدين الهوّى.
* * *
وبلغ النيل (١) في هذه السنة في الزيادة إلى اثنتين وعشرين ذراعًا، وكُسِر الخليج في أَول يوم من مسرى وثبت إلى نصف هاتور. وبلغ سعر القمح من ذلك في شعبان إلى ثلاثمائة الإردب، والشعير والفول إلى مائتين، والحمل التبن إلى مائة وعشرين.
وفي شعبان قَبض الشيخية بدمشق على الإخنائي قاضي المالكية، وكانوا قد نقموا عليه مكاتبة نوروز فسُجن بالقلعة ثم هرب منها إلى صفد، فأَكرمه النائب بها من جهة النَّاصر وهو شاهين الزردكاش، وأرسل الناصريّ إلى النَّاصر يغريه بالأَمير شيخ ويحثّه على سرعة الحركة إلى الشام.
* * *
وفي أَواخر شعبان فَوّض شيخ خطابة جامع دمشق لشرف الدين بن التبّاني وكان قد فر من القاهرة إليه في أَواخر العام الماضي، فأَنكر الشاميون ذلك لعهدهم أَن الخطابة للشافعية، فكاتبوه بذلك فاستناب الباعوني، وباشر شرف الدين التَّباني مشيخة السميساطيّة خاصة، وأُضيف إليه درس الخاتونية وتصدّر الجامع الأُمويّ.
وفي مستهل رجب قُبض على نصرانيٍّ فادُّعي عليه أَنه كان أَسلم وأُقيمت البينة بذلك فاعترف، فعُرض عليه الإسلام فامتنع فضُربت رقبته بين القصرين.
(١) الوارد في التوفيقات الإلهامية ص ٤٠٦ أن غاية فيضان النيل بمقياس الروضة بلغت عشرين ذراعًا وأنه ثبت في نصف هاتور (حوالي الثلث من رجب) فحصل للناس بذلك ضرر كبير وغرق من البلاد أكثر من مائتي ضيعة.