أَسْمَاعِهِمْ وَمَنَاخِرِهِمْ فَيَمُوتُونَ مِنْهَا، قَالَ: فَتَنْتُنُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ فَيُجَارُ إِلَى اللَّهِ فَيُرْسِلُ عَلَيْهِمْ مَاءً فَيُطَهِّرُ الْأَرْضَ مِنْهُمْ، ثُمَّ قَالَ: يُرْسِلُ اللَّهُ رِيحًا زَمْهَرِيرًا بَارِدَةً، فَلَا تَذَرُ عَلَى الْأَرْضِ مُؤْمِنًا إِلَّا كَفَتْهُ تِلْكَ الرِّيحَ، قَالَ: ثُمَّ تَقُومُ السَّاعَةُ عَلَى شِرَارِ النَّاسِ، قَالَ: ثُمَّ يَقُومُ مَلَكٌ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ بِالصُّورِ فَيَنْفُخُ فِيهِ، قَالَ: وَالصُّورُ قَرْنٌ، قَالَ: فَلَا
يَبْقَى خَلْقُ اللَّهِ فِي السَّمَاءِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَاتَ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ، قَالَ: ثُمَّ يَكُونُ بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ، قَالَ: فَيَرُشُّ اللَّهُ مَاءً مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ كَمَنِيِّ الرِّجَالِ قَالَ: فَلَيْسَ مِنَ ابْنِ آدَمَ خَلْقٌ إِلَّا فِي الْأَرْضِ مِنْهُ شَيْءٌ قَالَ: فَتَنْبُتُ أَجْسَادُهُمْ وَلِحْمَانُهُمْ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ كَمَنَابِتِ الْأَرْضِ مِنَ الثَّرَى ثُمَّ قَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ {وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ} [فاطر: ٩] قَالَ: ثُمَّ يَقُومُ مَلَكٌ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ بِالصُّورِ فَيَنْفُخُ فِيهِ، قَالَ: فَتَنْطَلِقُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَى جَسَدِهَا فَتَدْخُلُ فِيهِ، قَالَ: ثُمَّ يَقُومُونَ فَيُحَيُّونَ تَحِيَّةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ قِيَامًا لِرَبِّ الْعَالَمِينَ، ثُمَّ يَتَمَثَّلُ اللَّهُ لِلْخَلْقِ فَيَلْقَاهُمْ فَلَيْسَ أَحَدٌ مِنَ الْخَلْقِ مِمَّنْ يَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ شَيْئًا إِلَّا وَهُوَ مَرْفُوعٌ لَهُ يَتْبَعُهُ فَيَلْقَى الْيَهُودَ فَيَقُولُ: مَنْ تَعْبُدُونَ؟ فَيَقُولُونَ: نَعْبُدُ عُزَيْرًا، فَيَقُولُ: هَلْ يَسُرُّكُمُ الْمَاءُ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: فَيُرِيهِمْ جَهَنَّمَ وَهِيَ كَهَيْئَةِ السَّرَابِ، ثُمَّ قَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ {وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا} [الكهف: ١٠٠] ثُمَّ يَلْقَى النَّصَارَى فَيَقُولُ: مَنْ تَعْبُدُونَ؟ قَالُوا: نَعْبُدُ الْمَسِيحَ، قَالَ: يَقُولُ: هَلْ يَسُرُّكُمُ الْمَاءُ؟ قَالُوا: نَعَمْ، فَيُرِيهِمْ جَهَنَّمَ وَهِيَ كَهَيْئَةِ السَّرَابِ ; قَالَ: ثُمَّ كَذَلِكَ لِمَنْ كَانَ
يَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ شَيْئًا، ثُمَّ قَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ حَتَّى يَمُرَّ الْمُسْلِمُونَ فَيَقُولُ: مَنْ تَعْبُدُونَ؟ فَيَقُولُونَ: نَعْبُدُ اللَّهَ وَلَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا ; قَالَ: فَيَقُولُ: هَلْ تَعْرِفُونَ رَبَّكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: سُبْحَانَهُ، إِذَا تَعَرَّفَ لَنَا عَرَفْنَاهُ، قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ فَلَا يَبْقَى أَحَدٌ إِلَّا خَرَّ لِلَّهِ سَاجِدًا، وَيَبْقَى الْمُنَافِقُونَ ظُهُورُهُمْ طَبَقٌ وَاحِدٌ ; كَأَنَّمَا فِيهَا السَّفَافِيدُ، قَالَ: فَيَقُولُونَ: قَدْ كُنْتُمْ تُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَأَنْتُمْ سَالِمُونَ، وَيَأْمُرُ اللَّهُ بِالصِّرَاطِ فَيُضْرَبُ عَلَى جَهَنَّمَ، قَالَ: فَيَمُرُّ النَّاسُ زُمَرًا عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ، أَوَّلُهُمْ كَلَمْحِ الْبَرْقِ، ثُمَّ كَمَرِّ الرِّيحِ ثُمَّ كَمَرِّ الطَّيْرِ ثُمَّ كَأَسْرَعِ الْبَهَائِمِ ثُمَّ كَذَلِكَ حَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ سَعْيًا، وَحَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ مَاشِيًا، وَحَتَّى يَكُونَ آخِرُهُمْ رَجُلٌ يَتَلَبَّطُ عَلَى بَطْنِهِ، فَيَقُولُ، أَبْطَأْتَ بِي، فَيَقُولُ: لَمْ أُبْطِئْ، إِنَّمَا أَبْطَأَ بِكَ عَمَلُكَ، قَالَ: ثُمَّ يَأْذَنُ اللَّهُ بِالشَّفَاعَةِ فَيَكُونُ أَوَّلَ شَافِعٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رُوحُ الْقُدُسِ جِبْرِيلُ، ثُمَّ إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ، ثُمَّ مُوسَى أَوْ عِيسَى لَا أَدْرِي مُوسَى أَوْ عِيسَى، ثُمَّ يَقُومُ نَبِيُّكُمْ رَابِعًا لَا يَشْفَعُ أَحَدٌ بَعْدَهُ فِيمَا شَفَعَ فِيهِ، وَهُوَ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: ٧٩] فَلَيْسَ مِنْ نَفْسٍ إِلَّا تَنْظُرُ إِلَى بَيْتٍ مِنَ النَّارِ أَوْ بَيْتٍ فِي
الْجَنَّةِ، وَهُوَ يَوْمُ الْحَسْرَةِ، فَيَرَى أَهْلُ النَّارِ الْبَيْتَ الَّذِي فِي الْجَنَّةِ فَيُقَالُ: لَوْ عَمِلْتُمْ فَتَأْخُذُكُمُ الْحَسْرَةُ وَيَرَى أَهْلُ الْجَنَّةِ الْبَيْتَ الَّذِي فِي النَّارِ فَيَقُولُونَ: لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا قَالَ: ثُمَّ يَشْفَعُ الْمَلَائِكَةُ وَالنَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاءُ وَالصَّالِحُونَ وَالْمُؤْمِنُونَ، فَيُشَفِّعُهُمُ اللَّهُ، قَالَ: ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، قَالَ: فَيُخْرِجُ مِنَ النَّارِ أَكْثَرَ مِمَّا أُخْرِجَ مِنْ جَمِيعِ الْخَلْقِ بِرَحْمَتِهِ حَتَّى مَا يَتْرُكُ فِيهَا أَحَدًا فِيهِ خَيْرٌ، ثُمَّ قَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ} [المدثر: ٤٢] قَالَ: وَجَعَلَ يَعْقِدُ حَتَّى عَدَّ أَرْبَعًا، {قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} [المدثر: ٤٤] ثُمَّ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَتَرَوْنَ فِي هَؤُلَاءِ خَيْرًا، مَا يُتْرَكُ فِيهَا أَحَدٌ فِيهِ خَيْرٌ، فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ، أَنْ لَا يُخْرِجَ مِنْهَا أَحَدًا غَيَّرَ وُجُوهَهُمْ وَأَلْوَانَهُمْ فَيَجِيءُ الرَّجُلُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: مَنْ عَرَفَ أَحَدًا فَلْيُخْرِجْهُ، قَالَ: فَيَجِيءُ فَيَنْظُرُ فَلَا يَعْرِفُ أَحَدًا، قَالَ: فَيُنَادِيهِ الرَّجُلُ: يَا فُلَانُ، أَنَا فُلَانٌ، فَيَقُولُ مَا أَعْرِفُكَ، قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ يَقُولُونَ: {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ} [المؤمنون: ١٠٧] قَالَ: فَيَقُولُ عِنْدَ ذَلِكَ: {اخْسَئُوا فِيهَا
وَلَا تُكَلِّمُونَ} قَالَ فَإِذَا قَالَ ذَلِكَ أُطْبِقَتْ عَلَيْهِمْ فَلَا يَخْرُجُ مِنْهُمْ بَشَرٌ ". (١)
* * * * *
(١) (٣٧٦٣٧ ش) (٨٥١٩) ك، (٨٧٧٢) ك، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute