للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

خِصَالٍ انْظُرْ هَلْ يَذْكُرُ صَحِيفَتَهُ الَّتِي كَتَبَ إِلَيَّ بِشَيْءٍ، وَانْظُرْ إِذَا قَرَأَ كِتَابِي فَهَلْ يَذْكُرُ اللَّيْلَ، وَانْظُرْ فِي ظَهْرِهِ هَلْ بِهِ شَيْءٌ يَرِيبُكَ، فَانْطَلَقْتُ بِكِتَابِهِ حَتَّى جِئْتُ تَبُوكَ فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ أَصْحَابِهِ مُحْتَبِيًا عَلَى الْمَاءِ، فَقُلْتُ: أَيْنَ صَاحِبُكُمْ؟، قِيلَ هَا هُوَ ذَا، فَأَقْبَلْتُ أَمْشِي حَتَّى جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَنَاوَلْتُهُ كِتَابِي فَوَضَعَهُ فِي حَجْرِهِ، ثُمَّ قَالَ: "مِمَّنْ أَنْتَ؟ "، فَقُلْتُ: أَنَا أَحَدُ تَنُوخَ، قَالَ: "هَلْ لَكَ فِي الْإِسْلَامِ الْحَنِيفِيَّةِ مِلَّةِ أَبِيكَ إِبْرَاهِيمَ؟ "، قُلْتُ: إِنِّي رَسُولُ قَوْمٍ وَعَلَى دِينِ قَوْمٍ لَا أَرْجِعُ عَنْهُ حَتَّى أَرْجِعَ، إِلَيْهِمْ فَضَحِكَ، وَقَالَ: "إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ، يَا أَخَا تَنُوخَ!، إِنِّي كَتَبْتُ بِكِتَابٍ إِلَى كِسْرَى فَمَزَّقَهُ، وَاللَّهُ مُمَزِّقُهُ وَمُمَزِّقٌ مُلْكَهُ، وَكَتَبْتُ إِلَى النَّجَاشِيِّ بِصَحِيفَةٍ فَخَرَقَهَا، وَاللَّهُ مُخْرِقُهُ وَمُخْرِقٌ مُلْكَهُ، وَكَتَبْتُ إِلَى صَاحِبِكَ بِصَحِيفَةٍ فَأَمْسَكَهَا فَلَنْ يَزَالَ النَّاسُ يَجِدُونَ مِنْهُ بَأْسًا مَا دَامَ فِي الْعَيْشِ خَيْرٌ"، قُلْتُ: هَذِهِ إِحْدَى الثَّلَاثَةِ الَّتِي أَوْصَانِي بِهَا صَاحِبِي، وَأَخَذْتُ سَهْمًا مِنْ جَعْبَتِي فَكَتَبْتُهَا فِي جِلْدِ سَيْفِي، ثُمَّ إِنَّهُ نَاوَلَ الصَّحِيفَةَ

رَجُلًا عَنْ يَسَارِهِ، قُلْتُ: مَنْ صَاحِبُ كِتَابِكُمْ الَّذِي يُقْرَأُ لَكُمْ؟، قَالُوا: مُعَاوِيَةُ، فَإِذَا فِي كِتَابِ صَاحِبِي تَدْعُونِي إِلَى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ فَأَيْنَ النَّارُ؟، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "سُبْحَانَ اللَّهِ، أَيْنَ اللَّيْلُ إِذَا جَاءَ النَّهَارُ؟ "، قَالَ: فَأَخَذْتُ سَهْمًا مِنْ جَعْبَتِي فَكَتَبْتُهُ فِي جِلْدِ سَيْفِي، فَلَمَّا أَنْ فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ كِتَابِي، قَالَ: "إِنَّ لَكَ حَقًّا وَإِنَّكَ رَسُولٌ فَلَوْ وُجِدَتْ عِنْدَنَا جَائِزَةٌ جَوَّزْنَاكَ بِهَا إِنَّا سَفْرٌ مُرْمِلُونَ"، قَالَ: فَنَادَاهُ رَجُلٌ مِنْ طَائِفَةِ النَّاسِ، قَالَ: أَنَا أُجَوِّزُهُ، فَفَتَحَ رَحْلَهُ فَإِذَا هُوَ يَأْتِي بِحُلَّةٍ صَفُورِيَّةٍ فَوَضَعَهَا فِي حَجْرِي، قُلْتُ: مَنْ صَاحِبُ الْجَائِزَةِ؟، قِيلَ لِي: عُثْمَانُ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "أَيُّكُمْ يُنْزِلُ هَذَا الرَّجُلَ؟ "، فَقَالَ فَتًى مِنْ الْأَنْصَارِ: أَنَا، فَقَامَ الْأَنْصَارِيُّ وَقُمْتُ مَعَهُ حَتَّى إِذَا خَرَجْتُ مِنْ طَائِفَةِ الْمَجْلِسِ نَادَانِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَقَالَ: "تَعَالَ يَا أَخَا تَنُوخَ! "، فَأَقْبَلْتُ أَهْوِي إِلَيْهِ حَتَّى كُنْتُ قَائِمًا فِي مَجْلِسِي الَّذِي كُنْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَحَلَّ حَبْوَتَهُ عَنْ ظَهْرِهِ، وَقَالَ: "هَاهُنَا امْضِ لِمَا أُمِرْتَ لَهُ"، فَجُلْتُ فِي ظَهْرِهِ فَإِذَا أَنَا بِخَاتَمٍ فِي مَوْضِعِ غُضُونِ الْكَتِفِ مِثْلِ الْحَجْمَةِ الضَّخْمَةِ. (١)

٨٥٠ - ٢٩٩٨ ش / عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "أُعْطِيتُ فَوَاتِحَ الْكَلَامِ وَجَوَامِعَهُ وَخَوَاتِمَهُ ". (٢)

٨٥١ - ٥٦٠٦ طس / عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: لَمَّا تَزَوَّجَ عُمَرُ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عَلِيٍّ قَالَ: أَلَا تُهَنُّونِي؟، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، يَقُولُ: " كُلُّ سَبَبٍ وَنَسَبٍ مُنْقَطِعٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، غَيْرَ سَبَبِي وَنَسَبِي (٣)

". (٤)

٧٢ - بَاب بَيَانِ أَنَّ النَّاسَ مَعَادِنَ فَخِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ إِذَا فَقِهُوا

٨٥٢ - ٣٤٩٣ خ / ٢٥٢٦ م / ٧٢٩٦ حم / ٤٨٧٢ د / ٢٠٢٥ ت / ٢٠١٢ ط / عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: "تَجِدُونَ النَّاسَ مَعَادِنَ، خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ إِذَا فَقِهُوا، وَتَجِدُونَ خَيْرَ


(١) (١٥٥٩٢ حم ش) حمزة الزين: إسناده صحيح / (١٥٧٤٠ حم ف) / (١٥٦٥٥ حم شعيب): حديث غريب إسناده ضعيف. وقال ابن كثير في "البداية والنهاية" ٥/ ١٥ - ١٦ تفرد بد أحمد، وإسناده لا بأس به .. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٨/ ٢٣٦): رواه عبد الله بن أحمد وأبو يعلى، ورجال أبي يعلى ثقات، ورجال عبد الله بن أحمد كذلك.
(٢) (ش) ٢٩٩٨، (يع) ٧٢٣٨، صَحِيح الْجَامِع: ١٠٥٨، الصَّحِيحَة: ١٤٨٣ (فواتح الكلام) أَيْ: البلاغة والفصاحة، وبدائع الحِكم، ومَحاسن العبارات التي أُغلقت على غيره، لفظٌ قليل يفيد معنى كثيرا، وهذا معنى البلاغة. (وَجَوَامِعَهُ): التي جمعها الله فيه، فكان كلامه جامعا، كالقرآن في كونه جامعا. . خواتم الكلام، يعني حُسْن الوقف، ورعاية الفواصل، فكان يبدأ كلامَه بأعذب لفظ وأجزلِه وأفصحِه وأوضحِه، ويختمه بما يشوِّق السامع إلى الإقبال على الاستماع إلى مثله، والحرص عليه. فيض القدير. (ج ١ / ص ٧٢١)
(٣) قال الديلمي: السبب هنا هو الصلة والمودَّة، وكل ما يُتوصل به إلى الشيء فهو سبب.

وقيل: السبب يكون بالتزويج، والنسب بالولادة. وهذا الحديث لا يعارض حُسنُه في إخبار آخر لأهل بيته على خوف الله واتقائه وتحذيرهم الدنيا وغرورها، وإعلامِهم بأنه - صلى الله عليه وسلم - لا يُغني عنهم من الله شيئا، لأن معناه أنه لا يملك لهم نفعا، لكن الله يملِّكه نَفْعَهم بالشفاعة العامة والخاصة فهو لا يملك إلا ما ملَّكه ربُّه، فقوله: " لا أغني عنكم " أَيْ: بمجرد نفسي من غير ما يُكْرِمني الله تعالى به، أو كان قبل علمه بأنه يَشْفَع. ولمَّا خفي طريقُ الجمْعِ على بعضهم، تأوَّلَه بأن معناه أن أمتَه تُنْسبُ له يوم القيامة، بخلاف أمم الأنبياء. فيض القدير - (ج ٥ / ص ٢٧)
(٤) (طس) ٥٦٠٦، (ك) ٤٦٨٤،صَحِيح الْجَامِع: ٤٥٢٧، الصَّحِيحَة: ٢٠٣٦

<<  <   >  >>