وَالْبَرَاءُ يُكَلِّمُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيِّهَانِ حَلِيفُ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ!، إِنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الرِّجَالِ حِبَالًا وَإِنَّا قَاطِعُوهَا يَعْنِي الْعُهُودَ، فَهَلْ عَسَيْتَ إِنْ نَحْنُ فَعَلْنَا ذَلِكَ ثُمَّ أَظْهَرَكَ اللَّهُ أَنْ تَرْجِعَ إِلَى قَوْمِكَ وَتَدَعَنَا؟، قَالَ: فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ قَالَ: "بَلْ الدَّمَ الدَّمَ وَالْهَدْمَ الْهَدْمَ، أَنَا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مِنِّي، أُحَارِبُ مَنْ حَارَبْتُمْ، وَأُسَالِمُ مَنْ سَالَمْتُمْ"، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "أَخْرِجُوا إِلَيَّ مِنْكُمْ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا يَكُونُونَ عَلَى قَوْمِهِمْ"،
فَأَخْرَجُوا مِنْهُمْ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا، مِنْهُمْ تِسْعَةٌ مِنْ الْخَزْرَجِ، وَثَلَاثَةٌ مِنْ الْأَوْسِ، وَأَمَّا مَعْبَدُ بْنُ كَعْبٍ فَحَدَّثَنِي فِي حَدِيثِهِ، عَنْ أَخِيهِ، عَنْ أَبِيهِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ أَوَّلَ مَنْ ضَرَبَ عَلَى يَدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ ثُمَّ تَتَابَعَ الْقَوْمُ، فَلَمَّا بَايَعَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَرَخَ الشَّيْطَانُ مِنْ رَأْسِ الْعَقَبَةِ بِأَبْعَدِ صَوْتٍ سَمِعْتُهُ قَطُّ: يَا أَهْلَ الْجُبَاجِبِ! - وَالْجُبَاجِبُ الْمَنَازِلُ - هَلْ لَكُمْ فِي مُذَمَّمٍ وَالصُّبَاةُ مَعَهُ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى حَرْبِكُمْ؟، قَالَ عَلِيٌّ يَعْنِي ابْنَ إِسْحَاقَ: مَا يَقُولُهُ عَدُوُّ اللَّهِ مُحَمَّدٌ؟، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "هَذَا أَزَبُّ الْعَقَبَةِ، هَذَا ابْنُ أَزْيَبَ، اسْمَعْ أَيْ عَدُوَّ اللَّهِ، أَمَا وَاللَّهِ لَأَفْرُغَنَّ لَكَ"، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "ارْفَعُوا إِلَى رِحَالِكُمْ"، قَالَ: فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ بْنُ عُبَادَةَ بْنِ نَضْلَةَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، لَئِنْ شِئْتَ لَنَمِيلَنَّ عَلَى أَهْلِ مِنًى غَدًا بِأَسْيَافِنَا، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لَمْ أُومَرْ بِذَلِكَ"، قَالَ: فَرَجَعْنَا فَنِمْنَا حَتَّى أَصْبَحْنَا، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا غَدَتْ عَلَيْنَا جُلَّةُ قُرَيْشٍ حَتَّى جَاءُونَا فِي مَنَازِلِنَا، فَقَالَوا: يَا مَعْشَرَ الْخَزْرَجِ!، إِنَّهُ قَدْ بَلَغَنَا أَنَّكُمْ قَدْ جِئْتُمْ إِلَى صَاحِبِنَا هَذَا تَسْتَخْرِجُونَهُ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِنَا وَتُبَايِعُونَهُ عَلَى حَرْبِنَا، وَاللَّهِ إِنَّهُ مَا مِنْ الْعَرَبِ أَحَدٌ أَبْغَضَ إِلَيْنَا أَنْ تَنْشَبَ
الْحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ مِنْكُمْ، قَالَ: فَانْبَعَثَ مَنْ هُنَالِكَ مِنْ مُشْرِكِي قَوْمِنَا يَحْلِفُونَ لَهُمْ بِاللَّهِ مَا كَانَ مِنْ هَذَا شَيْءٌ وَمَا عَلِمْنَاهُ، وَقَدْ صَدَقُوا لَمْ يَعْلَمُوا مَا كَانَ مِنَّا، قَالَ: فَبَعْضُنَا يَنْظُرُ إِلَى بَعْضٍ، قَالَ: وَقَامَ الْقَوْمُ وَفِيهِمْ الْحَارِثُ بْنُ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيُّ وَعَلَيْهِ نَعْلَانِ جَدِيدَانِ، قَالَ: فَقُلْتُ كَلِمَةً كَأَنِّي أُرِيدُ أَنْ أُشْرِكَ الْقَوْمَ بِهَا فِيمَا قَالَوا: مَا تَسْتَطِيعُ يَا أَبَا جَابِرٍ وَأَنْتَ سَيِّدٌ مِنْ سَادَتِنَا أَنْ تَتَّخِذَ نَعْلَيْنِ مِثْلَ نَعْلَيْ هَذَا الْفَتَى مِنْ قُرَيْشٍ!، فَسَمِعَهَا الْحَارِثُ فَخَلَعَهُمَا ثُمَّ رَمَى بِهِمَا إِلَيَّ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَتَنْتَعِلَنَّهُمَا، قَالَ: يَقُولُ أَبُو جَابِرٍ: أَحْفَظْتَ وَاللَّهِ الْفَتَى فَارْدُدْ عَلَيْهِ نَعْلَيْهِ، قَالَ: فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَا أَرُدَّهُمَا، قَالَ: وَاللَّهِ صُلْحٌ وَاللَّهِ لَئِنْ صَدَقَ الْفَأْلُ لَأَسْلُبَنَّهُ. (١)
١٢٢ - بابُ الْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ
٤٦٢١ - ١٤٥٢ خ / ١٨٦٥ م / ١٠٧٢١ حم / ٢٤٧٧ د / ٤١٦٤ ن / عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ؛ أَنَّ أَعْرَابِيًّا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ الْهِجْرَةِ؟، فَقَالَ: "وَيْحَكَ، إِنَّ شَأْنَهَا شَدِيدٌ فَهَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ تُؤَدِّي صَدَقَتَهَا؟ "، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: "فَاعْمَلْ مِنْ وَرَاءِ الْبِحَارِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَنْ يَتِرَكَ مِنْ عَمَلِكَ شَيْئًا".
٤٦٢٢ - ٦٦٨٩ خ / ١٩٠٧ م / ٣٠٢ حم / ٢٢٠١ د / ١٦٤٧ ت / ٧٥ ن / ٤٢٢٧ جه / عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، يَقُولُ: "إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَإِنَّمَا لِامْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ".
٤٦٢٣ - ٣٦١٥ خ / ٢٠٠٩ م / ٣ حم / عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: جَاءَ أَبُو بَكْرٍ - رضي الله عنه - إِلَى أَبِي فِي مَنْزِلِهِ فَاشْتَرَى مِنْهُ رَحْلًا، فَقَالَ لِعَازِبٍ: ابْعَثْ ابْنَكَ يَحْمِلْهُ مَعِي، قَالَ: فَحَمَلْتُهُ مَعَهُ وَخَرَجَ أَبِي يَنْتَقِدُ ثَمَنَهُ، فَقَالَ لَهُ أَبِي: يَا أَبَا بَكْرٍ!، حَدِّثْنِي كَيْفَ صَنَعْتُمَا حِينَ سَرَيْتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -؟، قَالَ: نَعَمْ، أَسْرَيْنَا لَيْلَتَنَا وَمِنْ الْغَدِ حَتَّى قَامَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ وَخَلَا الطَّرِيقُ لَا يَمُرُّ فِيهِ أَحَدٌ، فَرُفِعَتْ لَنَا صَخْرَةٌ طَوِيلَةٌ لَهَا ظِلٌّ لَمْ تَأْتِ عَلَيْهِ الشَّمْسُ، فَنَزَلْنَا عِنْدَهُ وَسَوَّيْتُ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مَكَانًا بِيَدِي يَنَامُ عَلَيْهِ، وَبَسَطْتُ فِيهِ فَرْوَةً، وَقُلْتُ: نَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ!، وَأَنَا أَنْفُضُ لَكَ مَا
(١) (١٥٧٣٨ - ١٥٧٣٩ - ١٥٧٤٠ - ١٥٧٤١ حم ش) حمزة الزين: إسناده صحيح / (١٥٨٩١ حم ف) صححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم / (١٥٧٩٨ حم شعيب): حديث قوى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute