للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٧٣٤ - ٢٧٠٠ د / ٣٧١٥ ت / عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: خَرَجَ عِبْدَانٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَعْنِي يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ قَبْلَ الصُّلْحِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ مَوَالِيهُمْ، فَقَالَوا: يَا مُحَمَّدُ!، وَاللَّهِ مَا خَرَجُوا إِلَيْكَ رَغْبَةً فِي دِينِكَ وَإِنَّمَا خَرَجُوا هَرَبًا مِنْ الرِّقِّ، فَقَالَ نَاسٌ: صَدَقُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ!، رُدَّهُمْ إِلَيْهِمْ فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَقَالَ: "مَا أُرَاكُمْ تَنْتَهُونَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ حَتَّى يَبْعَثَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ مَنْ يَضْرِبُ رِقَابَكُمْ عَلَى هَذَا! "، وَأَبَى أَنْ يَرُدَّهُمْ، وَقَالَ: "هُمْ عُتَقَاءُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ". (١)

عَامُ الْوَفْد (محرم ٧ هـ)

٤٧٣٥ - ٢٦٠ ابن سعد / عَنْ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا رَجَعَ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ سِتٍّ، أَرْسَلَ الرُّسُلَ إِلَى الْمُلُوكِ يَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَكَتَبَ إِلَيْهِمْ كُتُبًا، فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ!، إِنَّ الْمُلُوكَ لَا يَقْرَءُونَ كِتَابًا إِلَّا مَخْتُومًا، فَاتَّخَذَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَئِذٍ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ، فَصُّهُ مِنْهُ، نَقْشُهُ ثَلَاثةَ أَسْطُرٍ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ، وَخَتَمَ بِهِ الْكُتُبَ، فَخَرَجَ سِتَّةُ نَفَرٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، وَذَلِكَ فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ سَبْعٍ، وَأَصْبَحَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ يَتَكَلَّمُ بِلِسَانِ الْقَوْمِ الَّذِينَ بَعَثَهُ إِلَيْهِمْ، فَكَانَ أَوَّلَ رَسُولٍ بَعَثَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيُّ إِلَى النَّجَاشِيِّ، وَكَتَبَ إِلَيْهِ كِتَابَيْنِ، يَدْعُوهُ فِي أَحَدِهِمَا إِلَى الْإِسْلَامِ، وَيَتْلُو عَلَيْهِ الْقُرْآنَ، فَأَخَذَ كِتَابَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَوَضَعَهُ عَلَى عَيْنَيْهِ، وَنَزَلَ مِنْ سَرِيرِهِ فَجَلَسَ عَلَى الْأَرْضِ تَوَاضُعًا، ثُمَّ أَسْلَمَ وَشَهِدَ شَهَادَةَ الْحَقِّ، وَقَالَ: لَوْ كُنْتُ أَسْتَطِيعُ أَنْ آتِيَهُ لَأَتَيْتُهُ، وَكَتَبَ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِإِجَابَتِهِ وَتَصْدِيقِهِ وَإِسْلامِهِ عَلَى يَدَيْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَفِي الْكِتَابِ الْآخَرِ يَأْمُرُهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُزَوِّجَهُ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ - وَكَانَتْ قَدْ هَاجَرَتْ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ مَعَ زَوْجِهَا عُبَيْدِ اللهِ بْنِ جَحْشٍ الأَسَدِيِّ،

فَتَنَصَّرَ هُنَاكَ وَمَاتَ - وَأَمَرَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْكِتَابِ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهِ بِمَنْ قِبَلَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَيَحْمِلَهُمْ، فَفَعَلَ، فَزَوَّجَهُ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ، وَأَصْدَقَ عَنْهُ أَرْبَعَمِائَةِ دِينَارٍ، وَأَمَرَ بِجِهَازِ الْمُسْلِمِينَ وَمَا يُصْلِحُهُمْ، وَحَمَلَهُمْ فِي سَفِينَتَيْنِ مَعَ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ، وَدَعَا بِحُقٍّ (٢) مِنْ عَاجٍ، فَجَعَلَ فِيهِ كِتَابَيْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ: "لَنْ تَزَالَ الْحَبَشَةُ بِخَيْرٍ، مَا كَانَ هَذَانِ الْكِتَابَانِ بَيْنَ أَظْهُرِهَا"؛ قَالَ: وَبَعَثَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - دِحْيَةَ بْنَ خَلِيفَةَ الْكَلْبِيَّ - وَهو أَحَدُ السِّتَّةِ - إِلَى قَيْصَرَ يَدْعُوهُ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَكَتَبَ مَعَهُ كِتَابًا، وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى لِيَدْفَعَهُ إِلَى قَيْصَرَ، فَدَفَعَهُ عَظِيمُ بُصْرَى إِلَيْهِ، وَهو يَوْمَئِذٍ بِحِمْصَ، وَقَيْصَرُ يَوْمَئِذٍ مَاشٍ فِي نَذْرٍ كَانَ عَلَيْهِ، إِنْ ظَهَرَتِ الرُّومُ عَلَى فَارِسَ أَنْ يَمْشِيَ حَافِيًا مِنْ قُسْطَنْطِينِيَّةَ إِلَى إِيلِيَاءَ، فَقَرَأَ الْكِتَابَ، وَأَذِنَ لِعُظَمَاءِ الرُّومِ فِي دَسْكَرَةٍ لَهُ بِحِمْصَ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الرُّومِ، هَلْ لَكُمْ فِي الْفَلاحِ وَالرُّشْدِ؟، وَأَنْ يُثْبَتَ لَكُمْ مُلْكُكُمْ؟ وَتَتَّبِعُونَ مَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ؟، فَقَالَتِ الرُّومُ: وَمَا ذَاكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ؟، قَالَ: تَتَّبِعُونَ هَذَا النَّبِيَّ الْعَرَبِيَّ؛ قَالَ: فَحَاصُوا حَيْصَةَ حُمُرِ الْوَحْشِ وَتَنَاحَزُوا (٣)

وَرَفَعُوا الصَّلِيبَ، فَلَمَّا رَأَى هِرَقْلُ ذَلِكَ مِنْهُمْ يَئِسَ مِنْ إِسْلامِهِمْ، وَخَافَهُمْ عَلَى نَفْسِهِ وَمُلْكِهِ، فَسَكَّنَهُمْ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّمَا قُلْتُ لَكُمْ مَا قُلْتُ، أَخْتَبِرُكُمْ لِأَنْظُرَ كَيْفَ صَلَابَتُكُمْ فِي دِينِكُمْ، فَقَدْ رَأَيْتُ مِنْكُمُ الَّذِي أُحِبُّ، فَسَجَدُوا لَهُ؛ قَالَ: وَبَعَثَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَبْدَ اللهِ بْنَ حُذَافَةَ السَّهْمِيَّ - وَهو أَحَدُ السِّتَّةِ - إِلَى كِسْرَى يَدْعُوهُ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَكَتَبَ مَعَهُ كِتَابًا، قَالَ عَبْدُ اللهِ: فَدَفَعْتُ إِلَيْهِ كِتَابَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقُرِئَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَخَذَهُ فَمَزَّقَهُ، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "اللَّهُمَّ مَزِّقْ مُلْكَهُ"، وَكَتَبَ كِسْرَى إِلَى بَاذَانَ عَامِلِهِ عَلَى الْيَمَنِ أَنِ ابْعَثْ مِنْ عِنْدِكَ رَجُلَيْنِ جَلْدَيْنِ (٤) إِلَى هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي بِالْحِجَازِ فَلْيَأْتِيَانِي بِخَبَرِهِ، فَبَعَثَ بَاذَانُ قَهْرَمَانَهُ (٥) وَرَجُلًا آخَرَ، وَكَتَبَ مَعَهُمَا كِتَابًا، فَقَدِمَا الْمَدِينَةَ وَفَرَائِصُهُمَا (٦)

تُرْعَدُ، فَدَفَعَا كِتَابَ


(١) (الألباني في سنن أبي داود: صحيح)
(٢) أَيْ: وعاء.
(٣) النَّحْزُ: الضَّرْبُ والدَّفْع .. لسان العرب - (ج ٥ / ص ٤١٤)
(٤) الجَلَد: القُوّة والصَّبْر.
(٥) القهرمان: الخازن الأمين المحافظ على ما في عهدته.
(٦) الفَرِيصة: اللحم الذي بين الكتف والصدر، ترتعد عند الفزع ..

<<  <   >  >>