. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الْمَنَاطِ، أَوْ عَلَى تَنْقِيحِهِ، أَوِ الْبَقَاءِ عَلَى النَّفْيِ الْأَصْلِيِّ.
وَالْجَوَابُ: أَنَّ «هَذَا تَحَكُّمٌ» عَلَى الشَّارِعِ، وَتَحَجُّرٌ عَلَيْهِ، وَهُوَ شَبِيهٌ بَقَوْلِ الْمُبَاحِيَّةِ الَّذِينَ قَالُوا: لَا فَائِدَةَ فِي تَحْرِيمِ الْمَلَاذِّ كَالزِّنَى وَالشُّرْبِ وَنَحْوِهِ، إِذْ «فِعْلُهَا لَا يَضُرُّهُ» ، وَهُوَ يَنْفَعُ النَّاسَ. وَقَدْ ثَبَتَ بِاتِّفَاقِنَا أَنَّ فِي ذَلِكَ حِكْمَةَ الِامْتِحَانِ وَالِابْتِلَاءِ، فَكَذَلِكَ عَدَمُ تَعْمِيمِهِ الْمَحَالَّ بِالْأَحْكَامِ تَنْصِيصًا لَهُ فِيهِ حِكْمَةٌ، فَلَعَلَّهُ أَبْقَى لِلْمُجْتَهِدِينَ مَجَالًا فِي الْأَحْكَامِ يُثَابُونَ بِالِاجْتِهَادِ فِيهِ، وَلَوْ عَمَّ مَحَالَّ الْأَحْكَامِ بِهَا، لَمْ يَبْقَ لَهُمْ مَجَالٌ فِي ذَلِكَ، إِذْ لَوْ قَالَ: كُلُّ مَكِيلٍ رِبَوِيٌّ، لَثَبَتَ الْحُكْمُ فِي الْأَرُزِّ بِالنَّصِّ، وَلَمْ يُحْتَجْ فِيهِ إِلَى اجْتِهَادِ الْمُجْتَهِدِ.
الْحُجَّةُ الْخَامِسَةُ: «قَالُوا: كَيْفَ يَثْبُتُ حُكْمُ الْفَرْعِ بِغَيْرِ طَرِيقِ ثُبُوتِهِ فِي الْأَصْلِ؟» وَذَلِكَ لِأَنَّ حُكْمَ الْأَصْلِ ثَابِتٌ بِالنَّصِّ، كَتَحْرِيمِ الْخَمْرِ بِالنَّصِّ عَلَى تَحْرِيمِهَا، وَحُكْمُ الْفَرْعِ ثَابِتٌ بِالْإِلْحَاقِ كَتَحْرِيمِ النَّبِيذِ، فَالْحُكْمُ وَاحِدٌ، وَالطَّرِيقُ مُخْتَلِفٌ ; فَكَيْفَ يَصِحُّ هَذَا! .
وَالْجَوَابُ: أَنَّ النَّاسَ اخْتَلَفُوا فِي ثُبُوتِ الْحُكْمِ فِي الْأَصْلِ، هَلْ هُوَ بِالْعِلَّةِ الَّتِي هِيَ الْمَعْنَى الْمُشَارُ إِلَيْهِ مِنَ النَّصِّ، أَوْ بِنَفْسِ النَّصِّ؟ فَمَنْ أَثْبَتَ «الْحُكْمَ فِي مَحَلِّ النَّصِّ بِالْعِلَّةِ» لَمْ يَرِدْ هَذَا السُّؤَالُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَثْبَتَ الْحُكْمَ فِي الْفَرْعِ وَالْأَصْلِ بِطَرِيقٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ مَعْنَى الْإِسْكَارِ مَثَلًا فِي الْخَمْرِ وَالنَّبِيذِ. وَمَنْ أَثْبَتَهُ فِي الْأَصْلِ بِالنَّصِّ، قَالَ: الْمَقْصُودُ ثُبُوتُ الْحُكْمِ لَا تَعْيِينُ طَرِيقِهٍ بِكَوْنِهِ نَصًّا أَوْ قِيَاسًا، أَوْ نَصًّا فِي الْأَصْلِ قِيَاسًا فِي الْفَرْعِ؛ لِأَنَّ الطَّرِيقَ وَسِيلَةٌ، وَالْحُكْمَ مَقْصِدٌ، وَمَعَ حُصُولِ الْمَقْصِدِ لَوْ قُدِّرَ عَدَمُ الْوَسَائِلِ، لَمْ يَضُرَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute