. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فَضْلًا عَنِ اخْتِلَافِهَا. وَهَذَا كَمَنْ قَصَدَ مَكَّةَ - شَرَّفَهَا اللَّهُ تَعَالَى - أَوْ غَيْرَهَا مِنَ الْبِلَادِ لَا حَرَجَ عَلَيْهِ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ دَخَلَهَا.
الْحُجَّةُ السَّادِسَةُ: «قَالُوا: غَايَةُ الْعِلَّةِ أَنْ تَكُونَ مَنْصُوصَةً، وَهُوَ» يَعْنِي النَّصَّ عَلَيْهَا «لَا يُوجِبُ الْإِلْحَاقَ» ، يَعْنِي إِلْحَاقَ الْفَرْعِ بِالْأَصْلِ، «نَحْوُ» قَوْلِ الْقَائِلِ: «أَعْتَقْتُ غَانِمًا لِسَوَادِهِ، لَا يَقْتَضِي عِتْقَ كُلِّ أَسْوَدَ مِنْ عَبِيدِهِ» ، وَإِذَا لَمْ يَقْتَضِ النَّصُّ عَلَى الْعِلَّةِ الْإِلْحَاقَ فَالْإِيمَاءُ وَالْإِشَارَةُ الَّتِي تُسْتَخْرَجُ الْعِلَّةُ مِنْهَا بِالِاسْتِنْبَاطِ وَعَلَيْهَا مَدَارُ أَكْثَرِ الْأَقْيِسَةِ أَوْلَى أَنْ لَا يَقْتَضِيَهُ.
وَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذَا لَا يَنْفَعُ الْخَصْمَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ صَرَّحَ بِالْقِيَاسِ فِي الْعِتْقِ، لَمْ يَتَعَدَّ الْوَصْفَ، فَلَوْ قَالَ: أَعْتَقْتُ غَانِمًا لِسَوَادِهِ، وَ «قِيسُوا عَلَيْهِ كُلَّ أَسْوَدَ» ; لَمَا جَازَ عِتْقُ السُّودَانِ بِالْقِيَاسِ؛ لِمَا سَيَأْتِي تَقْرِيرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَلَوْ قَالَ: «حَرَّمْتُ الْخَمْرَ لِشِدَّتِهَا، فَقِيسُوا عَلَيْهِ كُلَّ مُسْكِرٍ» ; لَصَحَّ الْإِلْحَاقُ وَالتَّعْدِيَةُ، وَاتَّجَهَتِ التَّسْوِيَةُ عِنْدَ أَكْثَرِ مُنْكِرِي الْقِيَاسِ، وَهُمُ الْقَاشَانِيَّةُ وَالنَّهْرَوَانِيَّةُ، وَإِذْ بَيْنَ الْبَابَيْنِ هَذَا الْفَرْقُ، فَكَيْفَ يَصِحُّ إِلْزَامُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ، عَلَى أَنَّ مِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ إِذَا قَالَ: أَعْتَقْتُ هَذَا الْعَبْدَ لِسَوَادِهِ، يَصِحُّ الْإِلْحَاقُ، فَيُعْتَقُ عَلَيْهِ كُلُّ أَسْوَدَ.
نَعَمِ اخْتَلَفُوا فِي اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْعِتْقِ مَعَ ذَلِكَ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَالسُّؤَالُ غَيْرُ وَارِدٍ، وَالْحُكْمُ مُلْتَزَمٌ فِي الْبَابَيْنِ، وَهَذَا هُوَ مُقْتَضَى اللُّغَةِ، فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ: لَا تَأْكُلْ هَذِهِ الْحَشِيشَةَ لِأَنَّهَا سُمٌّ، أَوْ: لَا تَأْكُلِ الْإِهْلِيلَجَ؛ لِأَنَّهُ مُسْهِلٌ، أَوْ: لَا تُجَالِسُ فُلَانًا؛ لِأَنَّهُ مُبْتَدِعٌ ; فُهِمَ مِنْ ذَلِكَ التَّعْدِيَةُ، وَاجْتِنَابُ كُلِّ سُمٍّ وَمُسْهِلٍ وَمُبْتَدِعٌ، وَإِنَّمَا مَنَعَ مِنْ طَرْدِ ذَلِكَ فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ التَّعَبُّدُ، ثُمَّ إِنَّ الْخَصْمَ مُنَاقِضٌ لِنَفْسِهِ، إِذِ احْتِجَابُهُ هَاهُنَا بِالْقِيَاسِ؛ لِأَنَّهُ قَاسَ بُطْلَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute