. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تُقَلِّدُهَا، لِأَنَّ هَذِهِ الْوَاسِطَةَ تَكُونُ لَاغِيَةً لَا فَائِدَةَ فِيهَا، بَلْ مَعَ تَقْلِيدِهَا إِنَّمَا اعْتَمَدْتَ عَلَى اجْتِهَادِكَ. وَهَذَا نَحْوٌ مِنْ قَوْلِ الْفُقَهَاءِ: الْإِقْرَارُ يُلْغِي الْبَيِّنَةَ، وَحُضُورُ شَاهِدَ الْأَصْلِ يُلْغِي اعْتِبَارَ شَاهِدِ الْفَرْعِ.
قَوْلُهُ: «وَفِيِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إِشْكَالٌ» ، أَيْ: تَكْلِيفُ الْعَامَّةِ الِاجْتِهَادَ فِي مَسَائِلِ الْأُصُولِ، لِأَنَّ الْعَامِّيَّ لَا يَسْتَقِلُّ بِإِدْرَاكِ «الدَّلِيلِ الْعَقْلِيِّ» ، وَبِالْفَرْقِ «بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشُّبَهِ لِاشْتِبَاهِهِمَا» ، أَيْ: لِاشْتِبَاهِ الدَّلِيلِ وَالشُّبْهَةِ، إِذِ الدَّلِيلُ مَا لَزِمَ مِنْ ثُبُوتِهِ ثُبُوتُ الْمَدْلُولِ، وَالشُّبْهَةُ تُوهِمُ ثُبُوتَ مَا نُصِبَتْ لِلدَّلَالَةِ عَلَيْهِ لِمُشَابَهَتِهَا الدَّلِيلَ فِي بَعْضِ ذَلِكَ، وَهِيَ غَيْرُ دَالَّةٍ عَلَى ثُبُوتِهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَيَحْتَاجُ النَّاظِرُ فِي أَحْكَامِ الْأُصُولِ أَنْ يَكُونَ عَارِفًا بِتَقْرِيرِ الْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ وَدَفْعِ الشُّبَهِ عَنْهَا، وَذَلِكَ بَعِيدٌ عَنِ الْعَامِّيِّ، بَلْ مُمْتَنِعٌ فِي حَقِّهِ عَادَةً «لَا سِيَّمَا فِي زَمَانِنَا هَذَا مَعَ تَفَرُّقِ الْآرَاءِ، وَكَثْرَةِ الْأَهْوَاءِ، بَلْ نَحَارِيرُ الْمُتَكَلِّمِينَ» وَشُطَّارُهُمْ «لَا يَسْتَقِلُّونَ بِذَلِكَ» وَحَيْثُ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، «فَإِذَا مُنِعَ» يَعْنِي الْعَامِّيَّ «مِنَ التَّقْلِيدِ لَزِمَ أَنْ لَا يَعْتَقِدَ شَيْئًا» ، لِأَنَّ الِاعْتِقَادَ الِاجْتِهَادِيَّ مُتَعَذِّرٌ عَلَيْهِ، وَالتَّقْلِيدُ مَمْنُوعٌ مِنْهُ.
وَحَاصِلُ هَذَا يَرْجِعُ إِلَى مَنْعِ عُمُومِ الدَّلِيلِ السَّابِقِ عَلَى مَنْعِ التَّقْلِيدِ فِي الْأُصُولِ لِظُهُورِ أَدِلَّتِهَا فِي نَفْسِ كُلِّ عَاقِلٍ.
وَتَقْرِيرُهُ: لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ، بَلْ إِنَّمَا هِيَ ظَاهِرَةٌ فِي نُفُوسِ الْعُلَمَاءِ. أَمَّا الْعَامَّةُ فَلَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute