فَالْأَشْبَهُ إِذًا، أَنْ لَا إِثْمَ عَلَى مَنْ أَخْطَأَ فِي حُكْمٍ اعْتِقَادِيٍّ غَيْرِ ضَرُورِيٍّ مُجْتَهِدٍ، أَوْ عَامِّيٍّ مَعَ الْجِدِّ وَالِاجْتِهَادِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ مَعَ تَرْكِ الْعِنَادِ.
وَفِيهِ احْتِرَازٌ مِمَّا يَلْزَمُ الْجَاحِظَ، إِذْ أَكْثَرُ مُخَالِفِي الْمِلَّةَ عَانَدُوا، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَسْتَفْرِغْ وُسْعَهُ فِي الِاجْتِهَادِ.
وَأَنَّ الْكُفْرَ إِنْكَارُ مَا عُلِمَ كَوْنُهُ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ فِي رِسَالَتِهِ، إِذْ لَمْ يُكَفِّرْ أَحَدًا مِنَ الْمُبْتَدِعَةِ غَيْرَ الْمُعَانِدِينَ وَمُنْكِرِي الضَّرُورِيَّاتِ، لِقَصْدِهِمُ الْحَقَّ مَعَ اسْتِبْهَامِ طَرِيقِهِ.
ــ
وَقَوْلُهُ: «فَالْأَشْبَهُ إِذًا» ، أَيْ: قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الْعَامِّيَّ لَا يَسْتَقِلُّ بِمَعْرِفَةِ الْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ وَدَفْعِ الشُّبَهِ عَنْهَا، فَالْأَشْبَهُ بِالصَّوَابِ «أَنْ» يُقَالَ: «لَا إِثْمَ عَلَى مَنْ أَخْطَأَ فِي حُكْمٍ اعْتِقَادِيٍّ غَيْرِ ضَرُورِيٍّ مُجْتَهِدٍ أَوْ عَامِّيٍّ مَعَ الْجِدِّ وَالِاجْتِهَادِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ مَعَ تَرْكِ الْعِنَادِ» .
فَقَوْلُنَا: «اعْتِقَادِيٍّ» هُوَ الْمُرَادُ بِالْأَحْكَامِ الْأُصُولِيَّةِ لِأَنَّ حَظَّ الْمُكَلَّفِ مِنْهَا الِاعْتِقَادُ.
وَقَوْلُنَا: «غَيْرِ ضَرُورِيٍّ» احْتِرَازٌ مِمَّا سَبَقَ مِنْ ضَرُورِيَّاتِ الشَّرِيعَةِ الَّتِي اشْتَرَكَ فِيهَا الْعَامَّةُ وَغَيْرُهُمْ.
وَقَوْلُنَا: «مُجْتَهِدٍ، أَوْ عَامِّيٍّ» لَيْسَ احْتِرَازًا عَنْ شَيْءٍ، بَلْ هُوَ بَدَلٌ تَفْصِيلِيٌّ مِنْ قَوْلِنَا: «عَلَى مَنْ أَخْطَأَ» ، أَيْ: لَا إِثْمَ عَلَى الْمُخْطِئِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ، سَوَاءٌ كَانَ مُجْتَهِدًا أَوْ عَامِيًّا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute