للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مِثْلَ: إِنْ فَرْضَنَا أَصْنَافَ الْمَكِيلِ مَعَ الْمُجَرَّدِ عِشْرِينَ، وَأَصْنَافَ الْمَكِيلِ مَعَ الْمَطْعُومِ عِشْرِينَ أَيْضًا، فَإِنَّ عِلَّةَ الْكَيْلِ تَجْرِي فِي الْأَرْبَعِينَ صِنْفًا، وَعِلَّةَ الْكَيْلِ مَعَ الطُّعْمِ لَا تَجْرِي إِلَّا فِي أَصْنَافِهَا الْعِشْرِينَ الَّتِي وُجِدَتْ فِيهَا، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

قَوْلُهُ: «وَلَا مَدْخَلَ لِلْكَلَامِ فِي الْقَاصِرَةِ وَالْمُتَعَدِّيَةِ فِي تَرْجِيحِ الْأَقْيِسَةِ، وَإِنَّمَا فَائِدَتُهُ إِمْكَانُ الْقِيَاسِ بِتَقْدِيرِ تَقْدِيمِ الْمُتَعَدِّيَةِ، كَالْوَزْنِ فِي النَّقْدَيْنِ وَعَدَمِهِ بِتَقْدِيرِ تَقْدِيمِ الْقَاصِرَةِ، كَالثَّمَنِيَّةِ فِيهِمَا، إِذِ الْقَاصِرُ لَا يَتَعَدَّى مَحَلَّهُ لِيُقَاسَ عَلَيْهِ» .

قُلْتُ: مَعْنَى هَذَا: أَنَّ الْكَلَامَ فِي تَرْجِيحِ الْعِلَّةِ الْمُتَعَدِّيَةِ عَلَى الْقَاصِرَةِ أَوْ بِالْعَكْسِ، لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي تَرْجِيحِ الْأَقْيِسَةِ، أَيْ: لَا يَنْبَنِي عَلَيْهِ تَرْجِيحُ قِيَاسِ إِحْدَى هَاتَيْنِ الْعِلَّتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى، لِأَنَّ الْقَاصِرَةَ لَا تَتَعَدَّى مَحَلَّهَا لِيُقَاسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، وَإِنَّمَا فَائِدَةُ الْكَلَامِ فِي تَرْجِيحِ الْقَاصِرَةِ وَالْمُتَعَدِّيَةِ إِمْكَانُ الْقِيَاسِ إِنْ قَدَّمْنَا الْمُتَعَدِّيَةَ، وَعَدَمُ إِمْكَانِهِ إِنْ قَدَّمْنَا الْقَاصِرَةَ.

مِثَالُهُ: أَنَّهُ لَمَّا تَعَارَضَ فِي النَّقْدَيْنِ الْوَزْنُ وَالثَّمَنِيَّةُ، فَإِنْ عَلَّلْنَا بِالْوَزْنِ أَمْكَنَ الْقِيَاسُ لِتَعَدِّي الْوَزْنِ مَحَلَّ النَّقْدِيَّةِ إِلَى الرَّصَاصِ وَالنُّحَاسِ وَنَحْوِهِ. فَنَقُولُ: يَحْرُمُ التَّفَاضُلُ فِي ذَلِكَ بِالْقِيَاسِ بِجَامِعِ الْوَزْنِ. وَإِنْ عَلَّلْنَا بِالثَّمَنِيَّةِ أَوِ النَّقْدِيَّةِ لَا يُمْكِنُ الْقِيَاسُ، لِأَنَّ تِلْكَ الْعِلَّةَ لَا تُوجَدُ فِي غَيْرِهِمَا لِيُقَاسَ عَلَيْهِمَا.

وَهَذَا الْكَلَامُ خَرَجَ مَخْرَجَ جَوَابِ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ، وَهُوَ أَنْ يُقَالَ: الْعِلَّةُ الْقَاصِرَةُ لَا يُمْكِنُ الْقِيَاسُ عَلَيْهَا، فَالْكَلَامُ فِي التَّرْجِيحِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعِلَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>