للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

هُوَ الْمُرَجِّحُ، فَلَا يَلْزَمُ التَّرْجِيحُ مِنْ غَيْرِ مُرَجِّحٍ، وَدَلَّ عَلَى التَّفْوِيضِ الْمَذْكُورِ وُرُودُ النَّصِّ بِلَفْظِ «أَوْ» الْمُقْتَضِيَةِ لِلتَّخْيِيرِ فِي اللِّسَانِ.

الْأَصْلُ الثَّانِي: أَنَّ حُسْنَ الْفِعْلِ وَقُبْحَ الْفِعْلِ عِنْدَهُمْ ذَاتِيَّانِ بِصِفَةٍ. أَيْ: أَنَّ الْأَفْعَالَ عِنْدَهُمْ، مِنْهَا مَا هُوَ حَسَنٌ لِمَعْنًى، أَوْ وَصْفٍ قَائِمٍ بِهِ اقْتَضَى كَوْنَهُ حَسَنًا، وَمِنْهَا مَا هُوَ قَبِيحٌ لِوَصْفٍ قَامَ بِهِ اقْتَضَى أَحَدُهُمَا حُسْنَ الصِّدْقِ وَالْآخَرُ قُبْحَ الْكَذِبِ. وَلَمَّا كَانَ مِنْ مَذْهَبِهِمْ هَذَا، اقْتَضَى عِنْدَهُمْ أَنَّ خِصَالَ الْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ، لَا بُدَّ وَأَنْ تَقُومَ بِهَا أَوْصَافٌ تَقْتَضِي حُسْنَهَا، فَإِنْ تَسَاوَتْ فِي تِلْكَ الصِّفَاتِ تَسَاوَتْ فِي الْحُسْنِ، وَتَحْصِيلِ الْمَصْلَحَةِ، فَيَلْزَمُ إِيجَابُ جَمِيعِهَا، وَإِنْ تَفَاوَتَتْ فِي صِفَاتِهَا، تَعَيَّنَ مِنْهَا الْأَرْجَحُ الْأَصْلَحُ كَمَا سَبَقَ تَقْرِيرُهُ.

وَهَذَا الْأَصْلُ مَمْنُوعٌ أَيْضًا عِنْدَنَا، بَلْ حُسْنُ الْأَفْعَالِ وَقُبْحُهَا مُسْتَفَادٌ مِنْ أَمْرِ الشَّرْعِ وَنَهْيِهِ، لَا مِنْ ذَوَاتِهَا، وَلَا مِنْ صِفَاتٍ قَامَتْ بِهَا. وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: «بَلْ ذَلِكَ» يَعْنِي: الْحُسْنَ وَالْقُبْحَ «شَرْعِيٌّ» «فَلِلشَّرْعِ فِعْلُ مَا شَاءَ مِنْ تَخْصِيصٍ وَإِبْهَامٍ» أَيْ: مِنْ تَعْيِينِ الْوَاجِبِ وَالتَّخْيِيرِ فِيهِ، وَلِهَذَا مَزِيدُ تَحْقِيقٍ فِي آخِرِ هَذَا الْفَصْلِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

تَنْبِيهٌ: قَوْلُنَا عَلَى الْحُسْنِ وَالْقُبْحِ: ذَاتِيَّانِ بِصِفَةٍ، هُوَ مَنْقُولٌ ثَابِتٌ عَنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>