قَالُوا: عَلِمَ مَا أَوْجَبَ، وَمَا يَفْعَلُ الْمُكَلَّفُ، فَكَانَ وَاجِبًا مُعَيَّنًا.
قُلْنَا: عِلْمُهُ تَابِعٌ لِإِيجَابِهِ، وَهُوَ غَيْرُ مُعَيَّنِ الْمَحَلِّ، وَإِلَّا لَعَلِمَهُ عَلَى خِلَافِ مَا هُوَ عَلَيْهِ، وَفِعْلُ الْمُكَلَّفِ يُعَيَّنُ مَا لَمْ يَكُنْ مُتَعَيِّنًا.
ــ
قَوْلُهُ: «قَالُوا: عَلِمَ مَا أَوْجَبَ» إِلَى آخِرِهِ. هَذَا دَلِيلُ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْمُخَيَّرِ وَاحِدٌ مُعَيَّنٌ.
وَتَقْرِيرُهُ: أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَعْلَمُ مَا أَوْجَبَهُ عَلَى الْمُكَلَّفِ مِنْ خِصَالِ الْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ، وَيَعْلَمُ الْخَصْلَةَ الَّتِي يُؤَدِّيهَا الْمُكَلَّفُ، فَيَكُونُ مُعَيَّنًا فِي عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى.
قَوْلُهُ: «قُلْنَا: عِلْمُهُ تَابِعٌ لِإِيجَابِهِ» إِلَى آخِرِهِ. هَذَا جَوَابُ مَا ذَكَرُوهُ عَلَى تَعْيِينِ الْوَاجِبِ.
وَتَقْرِيرُهُ: أَنَّا لَا نَمْنَعُ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَعْلَمُ مَا أَوْجَبَ، لَكِنَّا نَقُولُ: عِلْمُهُ تَابِعٌ لِإِيجَابِهِ، لِأَنَّ الْعِلْمَ يَتْبَعُ الْمَعْلُومَ، أَيْ: يَتَعَلَّقُ بِهِ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ. وَإِيجَابُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى غَيْرُ مُعَيَّنِ الْمَحَلِّ، أَيْ مَحَلِّ الْإِيجَابِ، أَيْ: مُتَعَلَّقُهُ مِنْ أَقْسَامِ الْوَاجِبِ غَيْرُ مُعَيَّنٍ، لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ: مَنْ حَنِثَ، فَكَفَّارَةُ حِنْثِهِ الْعِتْقُ بِعَيْنِهِ مَثَلًا، وَالْإِطْعَامُ بِعَيْنِهِ، بَلْ قَالَ: كَفَّارَتُهُ إِطْعَامٌ أَوْ كِسْوَةٌ أَوْ عِتْقٌ، فَثَبَتَ أَنَّ مَحَلَّ الْإِيجَابِ غَيْرُ مُعَيَّنٍ، إِذْ لَوْ كَانَ مُعَيَّنًا لَعَلِمَهُ عَلَى خِلَافِ مَا هُوَ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ مُبْهَمٌ فِي أَقْسَامٍ وَهُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute