. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عَلَيْهِ حَيْثُ قَالَ فِي تَقْرِيرِ حُجَّتِهِ: مَا مِنْ مُبَاحٍ إِلَّا وَالتَّلَبُّسُ بِهِ يَسْتَلْزِمُ تَرْكَ حَرَامٍ، وَحِينَئِذٍ نَقُولُ: تَرْكُ الْحَرَامِ لَازِمٌ لِفِعْلِ الْمُبَاحِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ اللَّازِمِ وَاجِبًا لِذَاتِهِ أَنْ يَكُونَ الْمَلْزُومُ كَذَلِكَ.
فَإِنْ قَالَ: أَنَا لَا أَدَّعِي وُجُوبَ الْمُبَاحِ لِذَاتِهِ بَلْ لِغَيْرِهِ، وَهُوَ اسْتِلْزَامُهُ الْوَاجِبَ، وَكَوْنُهُ لَا يَنْفَكُّ عَنْهُ وَلَا يَتِمُّ إِلَّا بِهِ، فَيَصِيرُ مِنْ بَابِ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَّا بِهِ وَهُوَ وَاجِبٌ.
قُلْنَا: رَجَعَ الْخِلَافُ لَفْظِيًّا لِأَنَّا لَا نُنَازِعُكَ فِي وُجُوبِهِ بِهَذَا التَّفْسِيرِ، فَأَنْتَ تَقُولُ: الْمُبَاحُ وَاجِبٌ لِغَيْرِهِ، وَنَحْنُ نَقُولُ: لَيْسَ وَاجِبًا لِذَاتِهِ، وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَهُمَا.
قَوْلُهُ: " ثُمَّ قَدْ يُتْرَكُ الْحَرَامُ "، إِلَى آخِرِهِ. هَذَا إِلْزَامٌ لِلْكَعْبِيِّ عَلَى مَذْهَبِهِ.
وَتَقْرِيرُهُ: أَنَّهُ إِنْ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ الْمُبَاحُ مَأْمُورًا بِهِ وَاجِبًا، لِأَنَّهُ يُتْرَكُ بِهِ الْحَرَامُ، لَزِمَ ذَلِكَ فِي بَقِيَّةِ الْأَحْكَامِ، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا يُتْرَكُ بِهِ الْحَرَامُ، فَيَكُونُ الْوَاجِبُ كَالْمَكْتُوبَةِ مَثَلًا إِذْ يُتْرَكُ بِهَا الزِّنَى وَاجِبًا، وَالْمَنْدُوبُ كَالسِّوَاكِ، إِذْ يُتْرَكُ بِهِ شُرْبُ الْخَمْرِ وَاجِبًا، وَالْحَرَامُ كَشُرْبِ الْخَمْرِ مَثَلًا، إِذْ يُتْرَكُ بِهِ اللِّوَاطُ وَسَائِرُ الْمُحَرَّمَاتِ وَاجِبًا وَهُوَ بَاطِلٌ. إِذْ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْمَنْدُوبُ وَالْحَرَامُ وَاجِبًا، وَيَكُونُ الْوَاجِبُ وَاجِبًا مَرَّتَيْنِ: مِنْ جِهَةِ وُجُوبِهِ فِي نَفْسِهِ، وَمِنْ جِهَةِ تَرْكِ الْحَرَامِ بِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا قَدِ الْتَزَمَهُ الْكَعْبِيُّ.
وَإِذَا تَحَقَّقَ أَنَّ النِّزَاعَ فِي الْمَسْأَلَةِ لَفْظِيٌّ بِمَا ذَكَرْنَا، فَلَيْسَ الْتِزَامُ ذَلِكَ مُحَالًا وَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute