. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إِدْرَاكًا قَاطِعًا أَوْ جَائِزًا عَلَى الْخِلَافِ.
وَمَدْرَكُ أَهْلِ السُّنَّةِ فِيمَا قَالُوهُ عَقْلِيٌّ وَسَمْعِيٌّ:
أَمَّا الْعَقْلُ: فَهُوَ مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَا يَجِبُ عَلَيْهِ رِعَايَةُ مَصَالِحِ الْخَلْقِ، بَلْ لَهُ أَنْ يُرَاعِيَهَا وَأَنْ يُهْمِلَهَا، وَيَفْعَلَ فِيهِمْ مَا يَشَاءُ.
وَتَقْرِيرُ الدَّلِيلِ أَنَّ الْعَالَمَ حَادِثٌ مَسْبُوقٌ بِالْعَدَمِ فِي أَزْمِنَةٍ تَقْدِيرِيَّةٍ غَيْرِ مُتَنَاهِيَةٍ، فَإِحْدَاثُ الْبَارِئِ جَلَّ جَلَالُهُ لِلْعَالَمِ حِينَ أَحْدَثَهُ إِمَّا أَنْ يَتَضَمَّنَ مَصْلَحَةً أَوْ لَا، فَإِنْ تَضَمَّنَ مَصْلَحَةً، فَقَدْ أَهْمَلَ مَصْلَحَةَ خَلْقِهِ فِيمَا سَبَقَ مِنَ الْأَزْمِنَةِ غَيْرِ الْمُتَنَاهِيَةِ أَزَلًا، وَإِنْ لَمْ يَتَضَمَّنْ مَصْلَحَةً، فَقَدْ أَهْمَلَ مَصْلَحَتَهُمْ أَزَلًا وَأَبَدًا، فَإِهْمَالُ مَصْلَحَتِهِمْ لَازِمٌ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ، وَإِذَا جَازَ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إِهْمَالُ مَصَالِحِ خَلْقِهِ، لَمْ يَبْقَ لِلْعَقْلِ طَرِيقٌ إِلَى الْجَزْمِ بِرِعَايَتِهَا، وَحِينَئِذٍ يَجُوزُ أَنْ يُحَرِّمَ عَلَيْهِمْ مَا يُصْلِحُهُمْ وَيُبِيحُ لَهُمْ مَا يُفْسِدُهُمْ، وَيَجُوزُ أَنْ يُعَذِّبَ الْمُطِيعَ وَيَذُمَّهُ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَفْسَدَةً فِي حَقِّهِ، وَيُثِيبَ الْعَاصِيَ وَيَمْدَحَهُ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَصْلَحَةً فِي حَقِّهِ لَا يَسْتَحِقُّهَا، فَقَدْ بَانَ بِهَذَا الْبُرْهَانِ أَنَّ إِدْرَاكَ الْعَقْلِ الذَّمُّ وَالْمَدْحُ وَالثَّوَابُ وَالْعِقَابُ عَلَى جِهَةِ الْجَوَازِ لَا اللُّزُومِ، وَهُوَ الْمَطْلُوبُ.
وَأَمَّا السَّمْعِيُّ فَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الْإِسْرَاءِ: ١٥] ، وَنَظَائِرُهَا فِي الْقُرْآنِ مُتَعَدِّدَةٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute