للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

نَظَرِيًّا ; إِنَّمَا النَّظَرِيُّ مَا تَوَقَّفَ عَلَى أَهْلِيَّةِ النَّظَرِ، وَلَيْسَ هَذَا كَذَلِكَ. هَذَا مَا أَجَابُوا بِهِ، وَهُوَ جَيِّدٌ، لَا بَأْسَ بِهِ.

قَوْلُهُ: «وَالْخِلَافُ لَفْظِيٌّ» إِلَى آخِرِهِ. هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى جِهَةِ الْوَسَاطَةِ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ، جَمْعًا بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْقَائِلَ بِأَنَّهُ ضَرُورِيٌّ ; لَا يُنَازِعُ فِي تَوَقُّفِهِ عَلَى النَّظَرِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ الْمَذْكُورَةِ، وَالْقَائِلَ بِأَنَّهُ نَظَرِيٌّ ; لَا يُنَازِعُ فِي أَنَّ الْعَقْلَ يُضْطَرُّ إِلَى التَّصْدِيقِ بِهِ، وَإِذَا وَافَقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ صَاحِبَهُ عَلَى مَا يَقُولُهُ فِي حُكْمِ هَذَا الْعِلْمِ وَصِفَتِهِ ; لَمْ يَبْقَ النِّزَاعُ بَيْنَهُمَا إِلَّا فِي اللَّفْظِ، وَهُوَ أَنَّ الْأَوَّلَ سَمَّى مَا يُضْطَرُّ الْعَقْلُ إِلَى التَّصْدِيقِ بِهِ - وَإِنْ تَوَقَّفَ عَلَى مُقَدِّمَاتٍ نَظَرِيَّةٍ - ضَرُورِيًّا، وَالثَّانِي سَمَّى مَا يَتَوَقَّفُ عَلَى النَّظَرِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ - وَإِنْ كَانَتْ فِطْرِيَّةً بَيِّنَةً - نَظَرِيًّا، وَخَصَّ الضَّرُورِيَّ بِالْبَدِيهِيِّ، وَهُوَ الْكَافِي فِي حُصُولِ الْجَزْمِ بِهِ تَصَوُّرُ طَرَفَيْهِ، كَقَوْلِنَا: الْوَاحِدُ نِصْفُ الِاثْنَيْنِ، فَإِنَّ مَنْ تَصَوَّرَ حَقِيقَةَ الْوَاحِدِ ; وَتَصَوَّرَ حَقِيقَةَ الِاثْنَيْنِ ; حَصَلَ لَهُ الْعِلْمُ بِأَنَّ الْوَاحِدَ نِصْفُ الِاثْنَيْنِ.

وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِي: «إِذْ مُرَادُ الْأَوَّلِ بِالضَّرُورِيِّ مَا اضْطُرَّ الْعَقْلُ إِلَى تَصْدِيقِهِ» ، أَيْ: سَوَاءٌ تَوَقَّفَ عَلَى مُقَدِّمَاتٍ بَيِّنَةٍ أَوْ لَا، «وَالثَّانِي» : أَيْ: وَمُرَادُ الثَّانِي بِالضَّرُورِيِّ، «الْبَدِيهِيُّ الْكَافِي فِي حُصُولِ الْجَزْمِ بِهِ» أَيِ: التَّصْدِيقِ الْجَازِمِ بِهِ تَصَوَّرُ طَرَفَيْهِ، أَعْنِي الْمَوْضُوعَ وَالْمَحْمُولَ، وَإِنْ شِئْتَ الْمَحْكُومَ وَالْمَحْكُومَ عَلَيْهِ، نَحْوَ: الْعَالَمُ مَوْجُودٌ، وَالْمَعْدُومُ لَا يَكُونُ مَوْجُودًا حَالَ عَدَمِهِ، وَالْقَدِيمُ لَا يَكُونُ

<<  <  ج: ص:  >  >>