. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فِيهِ الْأَمْرَ، وَلَكِنْ قَدْ صَحَّ وُرُودُهَا لِلتَّهْدِيدِ، نَحْوَ: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [فُصِّلَتْ: ٤٠] ; فَلَا تَكُونُ أَمْرًا لِذَاتِهَا.
وَإِنَّمَا قُلْنَا: إِنَّهَا لَيْسَتْ أَمْرًا، لِتَجَرُّدِهَا عَنِ الْقَرَائِنِ ; لِأَنَّ ذَلِكَ يَبْطُلُ بِالسَّاهِي وَالنَّائِمِ، فَإِنَّ صِيغَةَ افْعَلْ تَصْدُرُ مِنْهُمَا مُجَرَّدَةً عَنِ الْقَرَائِنِ، وَلَيْسَتْ أَمْرًا.
وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهَا لَيْسَتْ أَمْرًا لِذَاتِهَا، وَلَا لِتَجَرُّدِهَا عَنِ الْقَرَائِنِ، وَقَدْ وَرَدَتْ مُسْتَعْمَلَةً فِي الْمَعَانِي السَّابِقِ ذِكْرُهَا، عَلَى كَثْرَتِهَا ; فَحَمْلُهَا عَلَى الْأَمْرِ دُونَ بَقِيَّةِ تِلْكَ الْمَعَانِي، تَرْجِيحٌ مِنْ غَيْرِ مُرَجِّحٍ ; فَوَجَبَ أَنْ تُشْتَرَطَ الْإِرَادَةُ فِي كَوْنِهَا أَمْرًا، لِتَتَعَيَّنَ لَهُ بِهَا.
قَوْلُهُ: «قُلْنَا: اسْتِعْمَالُهَا فِي غَيْرِ الْأَمْرِ مَجَازٌ ; فَهِيَ بِإِطْلَاقِهَا لَهُ» ، هَذَا جَوَابُ دَلِيلِهِمْ، وَهُوَ يَمْنَعُ الْحَصْرَ فِي قَوْلِهِمْ: إِمَّا أَنْ تَكُونَ أَمْرًا لِذَاتِهَا، أَوْ لِتَجَرُّدِهَا عَنِ الْقَرَائِنِ.
وَبَيَانُهُ أَنَّ ثَمَّ قِسْمًا آخَرَ، وَهُوَ أَنَّهَا حَقِيقَةٌ فِي الْأَمْرِ بِوَضْعِ الْوَاضِعِ، أَوْ عُرْفِ الِاسْتِعْمَالِ، بِدَلِيلِ مَا سَبَقَ مِنْ مُبَادَرَةِ فَهْمِ الطَّلَبِ الْجَازِمِ مِنْهَا، وَإِذَا كَانَتْ حَقِيقَةً فِيهِ ; فَهِيَ بِإِطْلَاقِهَا لَهُ. فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى التَّعْيِينِ بِالْإِرَادَةِ، وَهِيَ مَجَازٌ فِي غَيْرِ الْأَمْرِ، لِئَلَّا يَلْزَمَ الِاشْتِرَاكُ، وَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ، وَإِنَّمَا كَانَ يُحْتَاجُ إِلَى تَعْيِينِهَا لِلْأَمْرِ بِالْإِرَادَةِ، لَوْ كَانَتْ مُشْتَرِكَةً فِي الْمَعَانِي الَّتِي وَرَدَتْ فِيهَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ.
وَأَمَّا لَفْظُ النَّائِمِ وَالنَّاسِي بِصِيغَةِ افْعَلْ، مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ أَمْرًا ; فَلَا يَرِدُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute