. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عَلَيْنَا ; لِأَنَّ انْتِفَاءَ كَوْنِهِ أَمْرًا ; لَمْ يَكُنْ لِعَدَمِ الْإِرَادَةِ، بَلْ لِعَدَمِ الِاسْتِعْلَاءِ فِيهِ، إِذِ الِاسْتِعْلَاءُ لَا يُتَصَوَّرُ مِنَ السَّاهِي وَالنَّائِمِ ; لِأَنَّ الِاسْتِعْلَاءَ كَيْفِيَّةٌ تَصْدُرُ عَنْ تَصَوُّرِ الْآمِرِ، وَاسْتِشْعَارِهِ أَنَّهُ أَعْلَى مِنَ الْمَأْمُورِ، وَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ صِحَّةَ التَّصَوُّرِ وَالْقَصْدِ، وَهُمَا مُمْتَنِعَانِ فِي النَّائِمِ وَالسَّاهِي، وَلِذَلِكَ قُلْنَا: لَا يَتَوَجَّهُ الْخِطَابُ إِلَيْهِمَا حَالَ النَّوْمِ وَالسَّهْوِ.
وَقَدْ يَرِدُ عَلَى هَذَا: أَنَّ مَنْ لَا يَشْتَرِطُ الِاسْتِعْلَاءَ أَيْضًا، يُصَحِّحُ الْأَمْرَ مِنْهُمَا ; فَدَلَّ عَلَى أَنَّ عَدَمَ الِاسْتِعْلَاءِ مِنْهُمَا لَيْسَ هُوَ الْمَانِعَ، لَكِنْ يُجَابُ عَنْ هَذَا: بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ عَدَمَ الِاسْتِعْلَاءِ لَيْسَ هُوَ الْمَانِعَ، لَكِنَّ عَدَمَ الْإِرَادَةِ لَا يَتَعَيَّنُ مَانِعًا، إِذْ جَازَ أَنْ يَكُونَ الْمَانِعُ غَيْرَهُ.
قَوْلُهُ: «ثُمَّ الْأَمْرُ وَالْإِرَادَةُ يَتَفَاكَّانِ» ، إِلَى آخِرِهِ. هَذَا دَلِيلٌ آخَرُ عَلَى بُطْلَانِ اشْتِرَاطِ الْإِرَادَةِ لِلْآمِرِ.
وَتَقْرِيرُهُ: أَنَّ الْإِرَادَةَ لَوْ كَانَتْ شَرْطًا لِلْأَمْرِ، لَمَا انْفَكَّتْ عَنْهُ، لِاسْتِحَالَةِ انْفِكَاكِ الْمَشْرُوطِ عَنْ شَرْطِهِ، لَكِنَّهُمَا يَتَفَاكَّانِ جَمِيعًا، أَيْ: يَنْفَكُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنِ الْآخَرِ ; فَلَا تَكُونُ الْإِرَادَةُ شَرْطًا لِلْأَمْرِ.
وَبَيَانُ انْفِكَاكِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنِ الْآخَرِ هُوَ أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَأْمُرَ الْمُتَكَلِّمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute