للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لَا يَمَسُّ مَحَلَّ النِّزَاعِ، وَيَرْجِعُ الْخِلَافُ لَفْظِيًّا عِنْدَ التَّحْقِيقِ، وَإِنْ كَانُوا هُمْ تَجَاوَزُوا اللَّفْظَ إِلَى الْمَعْنَى بِغَيْرِ حُجَّةٍ، إِذْ يَصِيرُ تَقْدِيرُ قَوْلِهِمْ: النَّهْيُ يَقْتَضِي إِمْكَانَ وُجُودِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَتَقْدِيرُ قَوْلِنَا: النَّهْيُ لَا يَقْتَضِي إِذْنَ الشَّرْعِ فِي الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، أَوْ يَقْتَضِي عَدَمَ الْإِذْنِ فِيهِ، وَهُوَ صَحِيحٌ بِمَا بَرْهَنَّا عَلَيْهِ، وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

قَوْلُهُ: «وَقِيلَ: لَا يَقْتَضِي» ، يَعْنِي النَّهْيَ ; «فَسَادًا وَلَا صِحَّةً» ، وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ وَعَامَّةِ الْمُتَكَلِّمِينَ ; «لِأَنَّ النَّهْيَ خِطَابٌ تَكْلِيفِيٌّ» ، أَيْ: مِنْ قَبِيلِ خِطَابِ التَّكْلِيفِ اللَّفْظِيِّ، «وَالصِّحَّةُ وَالْفَسَادُ» مِنْ قَبِيلِ خِطَابِ الْوَضْعِ وَالْإِخْبَارِ كَمَا سَبَقَ، وَلَيْسَ بَيْنَ الْقَبِيلَيْنِ، أَعْنِي الْخِطَابَ التَّكْلِيفِيَّ وَالْوَضْعِيَّ، رَابِطٌ عَقْلِيٌّ حَتَّى يَقْتَضِيَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، «وَإِنَّمَا تَأْثِيرُ فِعْلِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ فِي الْإِثْمِ بِهِ» لَا فِي صِحَّتِهِ، كَمَا يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ، وَلَا فِي فَسَادِهِ كَمَا يَقُولُ غَيْرُهُ، فَإِنِ اقْتَرَنَ بِالْإِثْمِ بِفِعْلِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ صِحَّةٌ أَوْ فَسَادٌ ; فَذَلِكَ لِدَلِيلٍ خَارِجٍ.

قَوْلُهُ: «وَلَنَا عَلَى فَسَادِهِ» ، أَيْ: عَلَى فَسَادِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ كَانَ لِعَيْنِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ، فِي الْعِبَادَاتِ وَغَيْرِهَا وُجُوهٌ:

أَحَدُهَا: مَا رَوَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ، أَيْ: مَرْدُودُ الذَّاتِ، هَذَا مُقْتَضَاهُ، وَمَا كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>