للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن المعروف أن حديث الآحاد عند المحدثين ما دون المتواتر يدخل فيه الغريب والعزيز والمشهور، فهو كل حديث لم يبلغ عدد الرواة -في كل طبقة من الطبقات- إلى مبلغ يمنع في العادة تواطؤهم على الكذب، وقد يتفرد به واحد فيسمى غريبا، وقد يرويه اثنان فأكثر فيسمى عزيزا، وقد يستفيض أن يرويه جماعة فيكون مشهورا أو مستفيضا، وعلى هذا فلا يفيد وصفه بأنه حديث آحاد أنه مروي عن واحد دائما، وعلى هذا معظم أحاديث الصحيحين والسنن المشهورة آحاد ليست متواترة (١).

وقال ابن القيم رحمه الله: "فممن نص على أن خبر الواحد يفيد العلم مالك، والشافعي، وأصحاب أبي خنيفة، وداود بن علي وأصحابه، كأبي محمد ابن حزم، ونص عليه الحسين بن علي الكرابيسي (٢)، والحارث بن أسد المحاسبي (٣) " اهـ (٤).

وقال الشيخ الألباني رحمه الله: "وقد اختلف العلماء في إفادة حديث الآحاد الصحيح العلم واليقين، فبعضهم كالإمام النووي في "التقريب" ذهب إلى أنه يفيد الظن الراجح، وذهب آخرون إلى أن ما أخرجه الشيخان البخاري ومسلم في صحيحهما من الأحاديث المسندة يفيد العلم والقطع، ورأى الإمام ابن حزم رحمه الله تعالى في الإحكام (٥) أن خبر الواحد العدل عن مثله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوجب العلم والعمل معا.


(١) ينظر نخبة الفكر لابن حجر ص: ١١ - ١٩، والحديث حجة بنفسه في العقائد والأحكام للألباني من رسائل الدعوة السلفية ص: ن.
(٢) الكرابيسي (ت: ٢٤٨ وقيل ٢٤٥): هو العلامة فقيه بغداد، أبو علي الحسين بن علي بن يزيد البغدادي صاحب التصانيف (سير أعلام النبلاء للذهبي ١٢/ ٧٩).
(٣) المحاسبي (ت: ٢٤٣): هو الزاهد العارف أبو عبد الله الحارث بن أسد البغدادي المحاسبي صاحب التصانيف الزهدية. (سير أعلام النبلاء للذهبي ١٢/ ١١٠).
(٤) مختصر الصواعق المرسلة لابن القيم اختصار الشيخ محمد بن الموصل ١/ ٤٨٠.
(٥) ينظر الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم ١/ ١١٩ - ١٣٧.