للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شَهِدْنَا} (١). بعد هذا التأصيل الموجز نأتي إلى أقوال المتأثرين بالاستشراق عرضا وتحليلا وتقويما.

[أقوال المتأثرين بالاستشراق]

قال سيد أحمد خان: "العقل الإنساني أو العقل الكلى إذا استخدمه الإنسان في الأحداث الواقعة والمقدمات الذهنية يصل إلى نتيجة حاسمة، فتتبع الجزئيان يستنبط منه قاعدة كلية ...... فيرى الإنسان حوله من مخلوقات عظيمة ومهيبة وهي أكبر من الإنسان بكثير فيتخيل الوجود الأعلى والأقوى، ويرى أمامه أحداثًا ولا يجد فاعلها، ويبتلى بالأمراض والأوبئة والقحط أو المجاعة، ويأتيه فصول الربيع وأيام راحة، ويشعر بالصحة والعافية ولا يعلم كثيرًا من أسباب هذا الاختلاف، فينسبها إلى وجود غير معلوم ويعتقد أن هذا الوجود غير المعلوم صانع هذه التقلبات، وله القدرة الكلية على ذلك، ثم يخافه، ويربط كل خير وسراء برضاه، وكل شر وضراء بغضبه، ثم يتفكر، ويبحت عن وسائل يكسب بها رضاه، ويبتعد به عن غضبه، ثم يتساءل: من أنا؟ وإلى أين مصيري؟ وآخر الأمر يتيقن أن هناك معادًا يجازى فيه الإنسان بما عمل من خير وشر (٢).

وقال أمير على: "إننا إذا استثنينا عقيدة التوحيد التي هي أساس الإسلام لم تجد عقيدة من العقائد التي جاء بها الإسلام يأبى العقل قبولها فعقيدة المبدأ والمعاد، أي من الله بدأنا وإليه نعود، ومسئولية الإنسان الأدبية مبنية على عقيدة العلة الأولى التي هي مصدر جميع الموجودات، والعقيدة القائلة بأن الروح بعد تجريدها من الهيكل الذي ستحيى فيه بعد انحلال الجسم، هي عقيدة يؤمن بها جميع العقلاء والجهال على السواء، والإسلام يسمح بأكبر قدر من النظر العقلي ما دام المسلم مؤمنًا بأصول الدين ومحافظًا عليها، ومن ثم نجد أن الإسلام انتقل من عصر "القابلية" إلى عصر "الفاعلية"


(١) سورة الأعراف: ١٧١.
(٢) ينظر تفسير القرآن لسيد أحمد خان: ٣/ ١١ - ١٢.