للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المطلب الثالث: وجود الذات الإلهية ووجود العالم]

إن الثابت عند أهل السنة والجماعة هو أن الله عز وجل له وجود مستقل استقلالًا تامًا يليق بجلاله مستوٍ على عرشه بائن عن خلق، وللخلق وجود منفصل عن خالقها لا هو جزء منه ولا هو متحد به، كما جاء في بيان المحجة: "إن الله عز وجل على عرشه بائن عن خلقه" اهـ (١) وقيل لابن المبارك كيف نعرف ربنا؟ قال: بأنه فوق السموات السبع على العرش بائن عن خلقه" اهـ (٢).

يقول الشيخ ابن العثيمين رحمه الله: "إن الإنسان مفطور على أن الخالق بائن من المخلوق ليس أحد إذا قال: يا الله! إلا وقد يعتقد أن الله تعالى بائن من خلقه، لا يعتقد أنه حالٌّ في خلقه، فدعوى أنه مختلط بالخلق مخالف للشرع، ومخالف للعقل ومخالف للفطرة" اهـ (٣).

والعالم له وجود مستقل بائن من الوجود الإلهي ولا اتحاد بين الوجودين ولا تشابه بينهما، لأنه لا يمكن القياس بين وجود العالم ووجود عرش الرب وهو من خلقه فكيف بوجود الباري تعالى، قال ابن عباس رضي الله عنه "ما السموات السبع في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة، فضل العرش على الكرسي كفضل تلك الفلاة على تلك الحلقة" اهـ (٤).

فالموجود إما الخالق وإما المخلوق ولكل منهما وجود مستقل، يقول ابن تيمية رحمه الله: "من المعلوم بالضرورة أن في الوجود ما هو قديم واجب بنفسه، وما


(١) الحجة في بيان المحجة وشرح عقيدة أهل السنة لإسماعيل بن محمد الأصبهاني تحقيق: محمد بن ربيع المدخلي دار الراية الرياض - ط /١ - ١٤١١ هـ: ٢/ ١٠٩.
(٢) الرد على الجهمية للدارمي ٢٧٢.
(٣) شرح العقيدة الواسطية لابن العثيمين ص: ٨١.
(٤) كتاب العرش لمحمد بن أبي شيبة، والأسماء والصفات للبيهقي، وهو صحيح لمجموع طرقه، الصحيحة للألباني حديث رقم ١٠٩.