للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صلى الله عليه وسلم وصحابته والتابعين لهم بإحسان، بل هي طريقة مبتدعة مأخوذة من الفلسفة اليونانية، ومقدماتها ونتائجها غير مستقيمة لأنها لا تسلم من الاعتراضات، وقد فندها شيخ الإسلام ابن تيميه في كتابه "تلبيس الجهمية" وكذلك ابن رشد في كتابه "منهج الأدلة" فإن طريقة المتأخرين صعبة الفهم حتى على المتخصصين، فكيف بجمهور الناس؟ فإن قيل ما هي طريقة السلف في الاستدلال على وجود الله؟ فالجواب هي طريقة القرآن الكريم وهي الاستدلال بخلق الإنسان نفسه كما كرره القرآن إذ هو الدليل وهو المستدل {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} (١) ثم ما يشاهده الإنسان ويحسه من المخلوقات العظيمة كالسموات والأرض والجبال والبحار والماء والنبات ولفت النظر إلى روعة الصنع والإتقان وحسن التدبير، فيستدل بذلك على وجود خالق مبدع مدبر لهذا الكون العظيم (٢).

[الشبهة الثانية: هل هناك مرحلتان مر بها الإسلام مرحلة الإيمان ومرحلة العقل أو مرحلة القابلية ومرحلة الفاعلية؟ .]

تقسيم أمير علي الإسلام إلى مرحلتين المذكورتين يثير سؤالين هامين وهما:

(١) هل كان الإسلام غير معقول أو غير محتاج إلى العقل في مرحلة الإيمان قبل أن يصل إلى مرحلة العقل؟

(٢) هل فقد الإسلام قوة الإيمان عندما وصل إلى مرحلة العقل؟

والجواب عن كلا السؤالين: لا، لأن الإيمانيات الستة التي دعا إليها الإسلام في بداية الأمر بقيت إيمانيات إلى يومنا هذا، وهي الإيمان بالله وملائكته ورسله وكتبه واليوم الآخر والقدر خيره وشره قال تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ} (٣) وقال الرسول


(١) سورة الذاريات: ٢١.
(٢) ينظر مجموع الفتاوى لابن تيمية: ١٦/ ٢٦٢.
(٣) سورة البقرة: ٢٨٥.