للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حتى الأعمال التي يعملها الإنسان خالقها الله عز وجل لقوله تعالى: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} (١) وعمل الإنسان من الشيء وقال أيضا: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} (٢) ففيها صراحة بأن الأعمال مخلوقة لله عز وجل.

[أقوال المتأثرين بالاستشراق]

طرح إقبال سؤالًا: ما الطريقة التي تبدأ بها قوة الله الخالقة في الخلق؟ ثم أجاب وقال: "وأصحاب أسلم مذهب في علم الكلام عند المسلمين وهو أكثر المذاهب انتشارًا حتى الآن أعني بهم الأشاعرة، يذهبون إلى أن الله تعالى يبدأ بخلق الجوهر الفرد أو الجزء الذي لا يتجزء، ويظهر أنهم أقاموا رأيهم هذا على الآية الكريمة {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ} (٣).

ونشوء الكلام في الجزء الذي لا يتجزء، بين المسلمين ونموه، وهو أول دليل على التمرد العقلي على مذهب أرسطو (Aristotle) القائل بعالم ثابت، ويسجّل فصلًا من أهم الفصول في تاريخ الفكر الإسلامي، وأوّل من صور مذهب أهل البصرة في الموضوع أبو هاشم المتوفى سنة ٩٣٣ هـ.

وأما مذهب مدرسة بغداد فقد رسم أبو بكر الباقلاني المتوفى ١٠١٢ هـ، وهو من أكثر علماء الدين دقة وأعظمهم جرأة، ثم نجد بعد ذلك في أوائل القرن الثالث عشر الميلادي بسطًا للموضوع منسقًا كل التنسيق في كتاب "دلالة الحائرين". وهو كتاب ألفه موسى بن ميمون، وهو من علماء الدين عند اليهود، تلقى العلم في الجامعات الإسلامية في الأندلس، ونقل "مُنك" (Munk) هذا الكتاب إلى اللغة الفرنسية سنة ١٨٦٦ م، ثم نشر حديثًا الأستاذ ماكدونالد الأمريكي (Macdonald) وصفًا ممتعًا لمضمون الكتاب في مجلة "إيزيس" (Isis)، وأعاد الدكتور زويمر (Zwemer).


(١) سورة الفرقان: ٢.
(٢) سورة الصافات: ٦٦.
(٣) سورة الحجر: ٢١.