للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[٧ - إنكار حقيقة الجنة والنار]

قد اختلف منكرو السنة في تصورهم للجنة والنار:

أ - عبد الله وأتباعه يرون: إن الجنة والنار أمكنة حقيقية ستخلق يوم القيامة، وأنه لا وجود لهما في الوقت الحاضر لأن وجودهما الآن يخلو عن الحكمة والمصلحة، وأفعال الله لا تَعْرى عنهما البتة (١).

ب - الحافظ وأتباعه يرون: أن الجنة والنار وما وصفتا به من نعيم وعذاب صورتان تمثيليتان حسبما كانت تعرفه وتحس به البشرية عصر نزول القرآن، وقد اختلف الحس البشري في النعيم والعذاب في الوقت الحاضر، فلذا ينبغي وضع تعريفات جديدة للجنة والنار، فلا يلزم من إحراق النار احتراق حس الجسم، بل المراد المشقة والكرب التي تجعل الإنسان يحس بالاحتراق داخل نفسه (٢).

ج - وأما برويز والخواجه أحمد الدين وأتباعهما فيرون: أن الجنة والنار طور من أطوار الحياة البشرية، وإن نمو الحياة وازدهارها يعني حياة الجنة وتوقفها، وعدم الرقي فيها يعنى الجحيم والنار، كما أن الجنة والنار ليستا الحلقة الأخيرة من حياة البشر، ولا من الأشياء التي لا نجدها إلا بعد الموت، بل الحياة أمر أبدي، والرقي من منزلة إلى أخرى قائم فيها على قدم وساق وسيبقى إلى الأبد، فالجنة والنار تعبيرات لكيفيات الحياة، لا أنهما أسماء أمكنة خاصة (٣).

وأما شبهاتهم في مجال العبادات والمعاملات فحدث ولا حرج شرعوا من عندهم عبادات لم تعرفها الأمة في تاريخها مثلًا: قد تضاربت آرائهم في الصلوات في أوقاتها وعدد المفروض منها وعدد ركعاتها وهيئة أركانها، فكل فرقة له رأي بل كل شخص له رأي ينسب إليه.


(١) ينظر ترجمة القرآن: ٤/ ٣٣.
(٢) ينظر مطالعة حديث أسيد مقبول أحمد مكتبة عباس إله آباد، الهند، ط/ ٣ - ١٩٥٢ م ص: ١٧٦، وتعليمات قرآن للحافظ أسلم ص: ٢١٢، ٢٢٥.
(٣) ينظر تفسير بيان للناس، للخواجه ٢/ ٤٤٣ - ٤٤٧، وينظر أسباب زوال أمت لبرويز ص: ١٣٥.