للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[(٣) المنهج الإسقاطي]

المنهج الإسقاطي هو أخذ تصور ما من أصل أو من بيئة أو من ظاهرة ما ثم إيقاعه على فرع أو على بيئة أخرى أو على ظاهرة مقصودة دراستها، وفي هذه الحالة تكون الذاتية مصدرًا لحدس وأساسًا لرؤية تتجه نحو الموضوع وتنيره، وتشترط أن تكون الذاتية خالصة متجردة من أي هوى أو مصلحة، وأوضح مثال في تراثنا الإسلامي: علم أصول الفقه عند ما يقوم النص الذي يحتوي على الأصل بتوجيه الشعور نحو العلة المشتركة مع الفرع من أجل تعدية حكم الأصل إلى الفرع، فالقياس الشرعي يبدأ بتوجيه النص نحو الواقع من أجل رؤيته. والضامن هنا لموضوعية الذاتية هو أنها تعتمد على الوحي باعتباره حقيقة موضوعية مستقلة (١).

وأما المنهج الإسقاطي الذي طبقه المستشرقون على العقيدة الإسلامية، فهو استبدال ظاهرة مدروسة بظواهر أخرى هي أشكال أبنية النظرية الموجودة في ذهن المستشرق فإنه يحكم عليها بالنفي، والظاهرة التي لا وجود لها بالفعل، ولكنها توجد كصورة ذهنية عند المستشرق فإنه يحكم عليها بالوجود الفعلي، فالإسقاط الاستشراقي إذًا خطأ في الإدراك يجعل المستشرق في عزلة ذهنية ويضعه في موقف نرجسي خالص عندما لا يرى في العالم الخارجي من موضوعات إلا ما هو موجود في نفسه كصورة ذهنية (٢).

قد استخدم هذا المنهج كثير من المستشرقين "فيعينون لهم غاية يقررون في أنفسهم تحقيق تلك الغاية بكل طريق ثم يقومون لها بجمع معلومات من كل رطب ويابس ليس لها أي علاقة بالموضوع، سواء من كتب الديانة والتاريخ أو الأدب والشعر أو الرواية والقصص أو المُجون والفُكاهة، وإن كانت هذه المواد تافهة لا قيمة


(١) التراث والتجديد لـ د. حسن حنفي ص: ٧٧ - ٧٨.
(٢) المرجع السابق ص ٧٦.