للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الثالث: أقوال المتأثرين بالاستشراق في التفسير الجديد للقرآن]

قال أحمد خان: "إنه لم ينزل القرآن دفعة واحدة إنما نزل منجّمًا وقال الله تعالى: {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا} (١) فنزل القرآن حسب النوازل والأحداث ..... ولذلك توجه العلماء إلى معرفة الأسباب لفهم مقتضى الآيات القرآنية، وظهرت لهم أسباب وُضِعَ أساسها على الروايات الضعيفة، ولكن الطريقة المأمونة لفهم مقتضى الآيات النظر في سباق الآيات وسياقها والنظر في الأمور المستنبطة منها" اهـ (٢).

قال مهدي علي: "إنه ليس من النهي التدبر في كتاب الله والتحقيق في ألفاظه حتى نصل إلى معانٍ ومطالب جديدة، فلا نقف عند تقليد المفسرين السابقين، بل نختبر العلوم الجديدة في ضوء ألفاظ القرآن، ولا يُسمى هذا التفسير تفسيرًا بالرأي، وكيف يكون منه وألفاظ القرآن تدل على هذه المعاني، بل هذا التفسير الذي نحن بصدده أحسن سندًا من تفسير السلف، لأنه مبني على حقائق محققة، ولا دخل فيه للعقل والقياس، ولا يمكن أن يكون هذا من التفسير بالرأي المنهي عنه، بل هو حقيقة القرآن والله نسأل أن يهدي الجميع إلى مثل هذا التفسير" اهـ (٣).

[تحليل العبارة وتعيين الشبهة]

هذه دعوة صريحة من كل من سيد أحمد خان ومهدي علي إلى وضع تفسير جديد للقرآن الكريم حسب مقتضيات الزمان والمكان، وترك التفاسير القديمة.

ولا جدال في أن يفسر أي إنسان القرآن إن كان مستجمع لأدوات التفسير، وسوف نرى فيما يأتي ما هي الأسباب التي دعت أصحابها إلى الدعوة إليها؟ وما


(١) سورة بني إسرائيل: ٧.
(٢) مقدمة تفسير القرآن للسيد: ١٢ - ١٤.
(٣) تهذيب الأخلاق لمرتبه ملك فضل الدين: ١/ ١١٦.