للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفنيد الشبهة]

هذه ليست بشبهة إنما هو رأي رآه السيد وأنجزه، فوضع تفسيرا باسم "تفسير القرآن وهو الهدى والفرقان"، وقد ترك هذا التفسير آثارا في التفاسير المعاصرة، فالتفسير الطبيعي أو التفسير المحدث قد اختلف العلماء في جوازه وعدمه.

وممن أيد مثل هذا التفسير الإمام الغزالي رحمه الله فقال: "وبالجملة فالعلوم كلها داخلة في أفعال الله عز وجل وصفاته، وفي القرآن شرح لذاته وأفعاله وصفاته، وهذه العلوم لا نهاية لها، وفي القرآن إشارة إلى مجامعها، والمقامات في التعمق في تفصيله راجع إلى فهم القرآن، ومجرد ظاهر التفسير لا يشير إلى ذلك، بل كل ما أشكل فيه على النظار واختلف فيه الخلائق في النظريات والمعقولات، ففي القرآن إليه رموز ودلالات عليه يختص أهل الفهم بدركها" اهـ (١).

وممن أعرض عن مثل هذا التفسير الإمام الشاطبي رحمه الله فقال: "إن كثيرًا من الناس تجاوزوا الحد في الدعوى على القرآن، فأضافوا إليه كل علم يذكر للمتقدمين أو المتأخرين من علوم الطبيعيات والتعاليم والمنطق وعلم الحروف وجميع ما نظر فيه الناظرون من هذه الفنون وأشباهها، وهذا إذا عرضناه على ما تقدم لم يصح وإلى هذا فإن السلف الصالح -من الصحابة والتابعين ومن يليهم- كانوا أعرف بالقرآن ولعلومه وما أودع فيه ولم يبلغنا أنه تكلم أحد منهم في شيء من هذا المدعى سوى ما تقدم وما ثبت فيه من أحكام التكليف وأحكام الآخرة وما يلي ذلك، ولو كان لهم في ذلك خوض ونظر لبلغنا منه ما يدل على أصل المسألة إلا أن ذلك لم يكن، فدل على أنه غير موجود عندهم وذلك دليل على أن القرآن لم يقصد فيه تقرير لشيء مما زعموا" (٢).


(١) إحياء علوم الدين للإمام الغزالي: دار المعرفة بيروت، ١/ ٢٨٩.
(٢) الموافقات في أصول الشريعة للإمام لأبي إسحاق الشاطبي، دار المعرفة بيروت. بشرح عبد الله دراز وضبط وترقيم محمد عبد الله دراز: ٢/ ٧٩ - ٨٠.