للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المطلب الثاني: قوة الله الخلّاقة والإنسان

قال ابن تيمية رحمه الله: "والله سبحانه وتعالى لما خلق السماوات والأرض خلق آدم آخر المخلوقات كما ثبت ذلك في الأحاديث الصحيحة (١) ومن خلق آخر المخلوقات لم يمكنه أن يشهد خلق نفسه ولا ما خلق قبله، كما قال تعالى: {مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ} (٢) وله فيما شهده في المخلوقات عبرة فيما لم يشهده (٣).

فعلى الإنسان أن يسلم لما قال خالقه في الكتاب ورسول الخالق في السنة، عن الخلق وغيره مما لم يشهده هو بنفسه. والكتاب والسنة حافلان ببيان قوة الله الخلاقة وكيفية خلقه وأول ما بدأ به خلقه وغيرها من موضوعات الخلق.

ذكر الله تعالى كيفية خلقه وقال: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (٤) وقال تعالى: {سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} وقوله: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (٥).

وبين تفاصيل خلقه وقال: {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ} {وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ} {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي


(١) ولعله يشير إلى قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض" (سنن أبي داؤد كتاب السنة (١٦)، ومسند أحمد ٤/ ٤٠٠ - ٤٠٦).
(٢) سورة الكهف: ٥١.
(٣) بيان تلبيس الجهمية لابن تيمية: ١/ ٢٩٣.
(٤) سورة يس: ٨٣.
(٥) سورة النحل: ٤٠.