الناظر في المناهج السابقة مقارنًا بين مناهج المستشرقين ومناهج المتأثرين بالاستشراق يدرك التشابه الكبير بينهما، فمنهم من تأثر تأثرًا كاملًا مثل السير سيد أحمد خان، وأمير على، ومنهم من تأثر تأثرًا أقل نسبة مثل مهدي على وشبلي النعماني، وبالجملة ما من أحد من العلماء السابق ذكرهم إلا وقد تأثر بالمناهج الاستشراقية الغربية الوافدة.
بعد أن أثبتنا هذه المنهجية المتأثرة نأتي إلى بيان أثر تطبيق المنهج الجديد في المسائل العقدية، ثم ننقد تلك الآثار ونقوّمها بتحليل العبارة وتعيين الشبهة وتفنيدها.
وقد يجد القارئ من هذه الآثار مزاعم قد ادعتها الفرق المنحرفة عن الإسلام قبل الاستشراق، أو قد يجد تشابهًا كبيرًا بين شبه السابقين وشبه اللاحقين، فلا غرابة في ذلك إذ أن منهج الأثر والتأثر قد عمل عمله في هذا الصدد لأن المستشرقين لم يأتوا بشيء جديد إنما رددّوا تلك الشبهات القديمة في قالب جديد، ومن ثم فلا يقال أيضًا إن العالم الفاني ليس متأثرًا بالاستشراق لأنه لم يأخذ الشبهة مباشرة من المستشرقين إنما تلقاها من فرقة معينة، بل هو في الحقيقة متأثر بالمنهج الاستشراقي إذ أن هذا الأسلوب أعنى به الأخذ من الفرق الضالة منهج من مناهج المستشرقين.
أما عن الشبه المثارة حول العقيدة الإسلامية فقد أشار إليها القرآن مع الرد عليها، وعلى ذلك يمكن القول بأن المستشرقين والمتأثرين بهم رددوا تلك الشبهات نفسها، وضخموها دون الإشارة إلى تفنيد القرآن لها.
يقول أبو الكلام آزاد: "ما من إيراد صغير ولا كبير يثار اليوم حول القرآن وتعاليم الأنبياء، إلا وقد قيل قديمًا، بل في عهد الرسالة وعصر نزول القرآن خلال ثلاث وعشرين سنة، وقد ردّه القرآن والسنة في وقته، ولو جمعنا تلك الشبه التي أثيرت زمن انتشار العلوم الدخيلة العجمية، وعهد نقل كتب المذاهب المندرسة اليونانية والإيرانية، إضافة إلى دفاتر شبهات الملاحدة الماديين في العهد العباسي، وإيرادات