للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإنهم يتمسكون بما نطق به الكتاب ووردت به السنة ويحتجون له بالحجج الواضحة على حسب ما أذن فيه الشرع وورد به السمع" اهـ (١).

[الشبهة الثانية: هل للإنسان نصيب في صميم القدرة الإلهية الخالقة؟]

وللرد على هذه الفكرة المنحرفة نقول: إن في الكتاب والسنة أدلة كثيرة تدل على أنه "ما من مخلوق في الأرض ولا في السماء إلا الله خالقه سبحانه لا خالق غيره ولا رب سواه" اهـ (٢) وقد ذكرنا بعضًا منها عند ما تكلمنا عن الجانب التأصيلي في الموضوع. قال تعالى: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ} (٣).

وقلنا: حتى الأعمال التي يعملها الإنسان خالقها الله عز وجل لقوله تعالى: {اللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} (٤) ففيها صراحة بأن الأعمال مخلوقة لله عز وجل.

"وهناك دليل نظري على أن أفعال العباد مخلوقة لله، فتقريره أن نقول: إن فعل العبد ناشئ عن أمرين: عزيمة صادقة، وقدرة تامة.

مثال ذلك: أردت أن أعمل عملا من الأعمال فلا يوجد هذا العمل حتى يكون مسبوقا بأمرين هما:

أحدهما: العزيمة الصادقة على فعله، لأنك لو لم تعزم ما فعلته.

والثاني: القدرة التامة لأنك لو لم تقدر ما فعلته، فالذي خلق فيك هذه القدرة هو الله عز وجل، وهو الذي أودع فيك العزيمة، وخالق السبب التام خالق للمسبب.


(١) بيان تلبيس الجهمية لابن تيمية: ١/ ١٣١ - ١٣٢.
(٢) العقيدة الواسطية مع شرح الشيخ محمد صالح العثيمين رحمه الله، دار ابن الجوزي ط / ٤ - ١٤١٧ هـ ٢/ ٢١٠.
(٣) سورة الأنعام: ١٠٢.
(٤) سورة الصافات: ٦٦.