للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معاوية الرشيد بحديث: "احتج آدم وموسى .. " (١)، فقال رجل شريف: فأين لقيه؟ فغضب الرشيد، وقال: النِّطعَ والسيفَ، زنديق يطعن في الحديث، فما زال أبو معاوية يسكته ويقول: "بادرة منه يا أمير المؤمنين، حتى سكت" اهـ (٢).

وهذا الأصل يقتضي أمورا منها:

[أولا: الاعتماد على الأحاديث الصحيحة دون الضعيفة ونبذ الأحاديث الموضوعة]

" وقد تمثل هذا عند السلف بالإنكار على من اعترض على الأحاديث الصحيحة الثابتة، وتمثل أيضا بذكرهم للأسانيد فيما يروونه، معلوم أنه إذا أسند الراوي فلا بد من النظر في إسناده والحكم على الحديث صحة وضعفا بعد جمع طرقه ورواياته" اهـ (٣)، تأسيا لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} (٤).

والفرق التي ضلت في هذا الباب فهم ما بين الإفراط والتفريط: فمنهم من قبل كلما جاء باسم حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، إذا وافق أهواءهم بدون أن يميزوا بين الصحيح والضعيف أو الموضوع، فأدخلوا في الدين ما ليس


(١) صحيح البخاري مع الفتح كتاب القدر، باب تحاج آدم وموسى عند الله ١٣/ ٣٤٦ (٦٦١٤) ونصه: "احتج آدم وموسى، فقال له موسى: يا آدم أنت أبونا خيبتنا وأخرجتنا من الجنة، قال له آدم: يا موسى اصطفاك الله بكلامه وخط لك بيده، أتلومني على أمر قدّره الله عليّ قبل أن يخلقني بأربعين سنة؟ فحج آدم موسى فحج آدم موسى ثلاثا".
(٢) سير أعلام النبلاء للذهبي مؤسسة الرسالة بيروت ط / ٧، ١٤١٠ هـ ١٩٩٠ م ٩/ ٢٨٨، وتاريخ بغداد للخطيب البغدادي دار الكتب العلمية بيروت ١٤/ ٧ , ٨.
(٣) موقف ابن تيمية من الأشاعرة لـ د. عبد الرحمن المحمود ١/ ٦٣.
(٤) سورة الحجرات: ٦.