للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أقوال المتأثرين بالاستشراق في عالم الجن والشياطين]

قال سيد أحمد خان: "نرجو أننا قد أثبتنا بأحسن وجه بأن لفظة الجن في الجاهلية كانت تطلق على أقوام متوحشين سكنوا الجبال مع تطور الحضارة بالتدريج تحضروا، وتحالفوا الحضريين وكانوا كلهم من الإنس، وأما الوجود الخيالي الموهوم الذي كان العرب يعتقدونه ويسمونه جنًا بسبب اختفائهم، فهو مجرد الخيال، ليس في القرآن دليل على وجود مثل هذا المخلوق الذي يتخيله حمقاء من الناس، فإذا لم يثبت بالقرآن شيء يدل على مثل هذا المخلوق، فلا يصح أن يراد به مخلوقًا في الواقع، فلفظ الجن الذي جاء ذكره في القرآن إطلاقه على وجود وهمي وخيالي غلط محض، ونذكر هنا آيات. تدل على قوم وحشي وبري من الإنس وبالله نستعين:

الآية الأولى: يقول الله عز وجل في سورة الذاريات: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (١) ومعناه الواضح أننا خلقنا جميع الإنس حضريين ووحشيين ليعبدوا الله ... (٢).

وقال السيد أيضًا: "إن في هذه القصة (قصة آدم) أربعة فرقاء: الفريق الأول "الله" والثاني "الملائكة" يعني القوى الملكوتية، الثالث "الإبليس" أو "الشيطان" يعني القوى البهيمية، والفريق الرابع الأخير "آدم" يعني الإنسان، وهو جامع للقوى الملكوتية والقوى البهيمية، وشامل للذكر والأنثى، فالمقصود من القصة بيان فطرة الإنسان بلسانه الحالي، والله الذي خلقهم جميعًا خاطب القوى الملكوتية وقال: إني خالق بشرًا بمادة كثيفة وهو خليفتي، فإذا خلقته فاسجدوا له يعني أطيعوه، ولما أن


(١) سورة الذاريات: ٥٦.
(٢) تفسير الجن والجان على ما في القرآن لسيد أحمد خان مطبع مفيد عام آغرة في الهند ١٣٠٩ هـ ص: ٢٠ - ٢١.