من أهم الموضوعات التي تناولها المستشرقون بالدراسة من ضمن الموضوعات الإسلامية موضوع الفرق، وقد ساعدهم على ذلك الاستعمار إذ أن فى دراسة هذا الموضوع كانت خدمة لهدفه الأساسي الذي يعبر في قولهم:"فَرِّقْ تَسُدْ"، بل اجتمعت الأفاعي الثلاثة: الاستشراق والاستعمار والتنصير تحقيقا لهذا الهدف.
يقول حلمي مرزوق:"هذان (الاستشراق والتنصير) هما الضلع الثاني في الثالوث (الاستعمار) اجتمعا على تزييف الحضارة العربية والإسلامية، وهما وإن كانا مختلفين في النشأة والمصدر، فالاستشراق تقوم عليه الجامعات والهيئات العلمية، أما التبشير (التنصير) فتقوم عليه الكنائس وما في حكمها من المجامع والمؤسسات، وغاية الاستشراق علمية خالصة، أما التبشير (التنصير) فدينية بحتة، وتلك غايات نقدرها قدرها ولا نضيق مما يبذل فيها من الجهد، وإنما الضيق كما قدمنا من الانحراف بهذه الجهود عن وجهتها العلمية أو الدينية إلى خدمة الاستعمار أو التعصب على غيرها من الحضارات والمعتقدات" اهـ (١).
والمستشرقون قد قاموا بدورهم الفعال، فدخلوا البلاد المقصود استعمارها سياحين وجوالين، وهم كانوا في الحقيقة طلائع الغرب الذين جمعوا معلومات عن هذه البلاد لتكون كشافة لاستعمارها.
يقول حسين الهراوي: "واستعدادًا لذلك كان لا بد من تجول طلائع الغرب في البلاد التي يجب قهرها واحتلالها، وأن تكون هذه الطلائع من الذين تعلموا اللغة العربية وغيرها من لغات الشرق لكي يستطيعوا التحدث إلى الشعوب، والبحث في الآثار والتعرف على الأفكار والقيام بالدعايات وإثارة المنازعات وإشعال الخلافات حتى تقع البلاد فريسة بين مخالب الاستعمار، ولتحقيق هذا الهدف أكثروا من هذه
(١) قضايا الأمة العربية والاستعمار والاستشراق والصهيونية لحلمي علي مرزوق دار المعارف مصر القاهرة ١٩٧٠ م ص ٤١.