للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والنبوة عند النصارى: "النبي هو من يتكلم أو يكتب عما يجول في خاطره، دون أن يكون ذلك الشيء من بنات أفكاره بل هو من قوة خارجة عنه" اهـ (١).

بعد هذا التعريف الموجز للنبوة في الإسلام وعند اليهود والنصارى نأتي إلى أقوال المتأثرين بالاستشراق في النبوة.

[أقوال المتأثرين بالاستشراق]

قال سيد أحمد خان: "لقد فهم العلماء المتقدمون النبوة كمنصب من المناصب يعطيه الله لمن يشاء أو ينتخب أفرادا لحملها، كالملوك الذين ينتخبون الوزراء ويختارون عمال الدولة، غير أني لم أفهم على هذا الوضع، بل النبوة أمر فطري، والنبي نبي ولو كان في بطن أمه، يولد نبيا، يموت نبيا، وتوجد تلك الملكة في الأنبياء لمقتضى نظرتهم كوجود أي ملكة إنسانية أخرى، فمن يوجد فيه تلك الملكة يكون نبيا، ومن يكون نبيا يوجد تلك الملكة كبقية الملكات البشرية التي تتصل بتركيب الإنسان وأعضائه من القلب والعقل ...... ملكة النبوة هذه شبيهة في صلتها بصلة أعضاء الجسم بعضها ببعض، فمن ثم لا اختصاص فيها كعدم اختصاص آلاف الصلات والملكات الكامنة في النفس البشرية، فقد يكون الإنسان بمقتضى فطرته مالكا لقوة في فن من الفنون، ويعتبر فيه إماما ونبيا كالحداد فهو إمام ونبي في فنه، والشاعر فهو إمام ونبي في فنه ... " اهـ (٢).

وقال إقبال: "ويمكن تعريف النبوة في وجه من الوجوه بأنها شكل من أشكال شعور الولاية التي تتجاوز فيها الكشوفات والواردات حدود الاتحاد، ثم تبرز تلك القوى، وتبحث عن وسائل تتشكل فيها بصيغة تحتاجها الحياة الاجتماعية، وبعبارة أخرى ذوات الأنبياء المتناهية تغوص وتنغمس في أعماق الذات غير المتناهية لتخرج


(١) قاموس الكتاب المقدس لنخبة من ذوي الاختصاص ومن اللاهوتيين: مجمع الكنائس في الشرق الأدنى، ط/ ٢، بيروت، ١٩٧١ م، ص: ٩٤٩.
(٢) مقالات سير سيد أحمد خان: ١٣/ ٦٦ - ٦٧.