للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأول: هي الكتب التي تلقاها العلماء (علماء أهل الكتاب) بالقبول واتفقوا على صحتها، ثم اشتهرت في كل المدن، واشتغل العلماء بتدريسها قرنا بعد قرن ولم ينكروا عليها في زمن من الأزمنة فهذه كلها صحيحة يعتمد عليها.

الثاني: هي الكتب التي كتبها العلماء المعتبرون وقبلها أكثر العلماء وأنكرها بعضهم، أو كانت في زمن ما مقبولة ومقدسة عند أكثر العلماء، واستدلو بها في أمورهم، ثم أتى عليها زمن صارت فيه متروكة، أو هي اشتهرت في زمن ثم زالت شهرتها في زمن، فهذه كلها صحيحة ومعتمدة عندنا ولكنها أقل درجة من القسم الأول .... " اهـ (١).

[تحليل العبارة وتعيين الشبهة]

إن المنهجية الجديدة المتأثرة بالاستشراق التي نادت بالدعوة إلى تقارب الأديان قامت على أساس أن الديانات الموجودة في الساحة كلها صحيحة بوجه ما، ومن ثم حاولوا التسوية بين الإسلام والديانات الأخرى المحرفة، وكما حاولوا التسوية بين القرآن والكتب الأخرى.

فنرى السيد نهج هذا المنهج وسوّى بين القرآن والكتب السابقة، بل وبين القرآن وبين ما هو من وضع البشر، وبعد أن عرف أن للقرآن سندا متصلا والكتب الأخرى ليس لها سند، اخترع لها قاعدة من عنده وهي قاعدة "الشهرة"، واعتمادا على هذه القاعدة أنكر التحريف اللفظي في التوراة واعتبر الأناجيل الموجودة بأيدي النصارى كتبا مقدسة ثابتة صحيحة، واعتنى بها اعتناء كبيرا حتى فسر التوراة والإنجيل في ضوء القرآن الكريم كما يُفسَّر القرآن في ضوء الأحاديث النبوية وسماه "تبيين الكلام في تفسير التوراة والإنجيل على ملة الإسلام" وبين غرضه من هذا التفسير قائلا: "من تمنياتي أن أؤلف بين قلوب المسلمين وقلوب النصارى فيتحابون فيما بينهم، لأن القرآن يشير إلى أن أقرب فرقة إلى مودة المسلمين هم النصارى" اهـ (٢).


(١) تفسير القرآن للسيد: ١/ ١٨٦.
(٢) مقدمة تبيين الكلام للسيد: ص: ٢.