للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولعله يريد الإشارة بالعبارة السابقة إلى قوله تعالى: {وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى} (١).

فهل تناسى السيد تاريخ العداوة (تاريخ الحروب الصليبية)؟ وكيف يدعو المسلمين إلى ولاية النصارى؟ ومع أن الله سبحانه تعالى قد حسم موضوع المودة والعداوة بيننا وبين أهل الكتاب فقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (٢) وقال تعالى: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} (٣).

ولكن الذي يهمنا أنه كيف تنازل السيد في سبيل إيجاد المودة والمحبة عن دينه وقرآنه، وسوّي بين الحق والباطل ونظر إلى القرآن -الذي تكفل الله بحفظه، والذي لا يأتيه الباطل بين يديه ولا من خلفه- وإلى الأناجيل المحرفة التي شهد أهلها على بطلانها بنظرة واحدة.

والدعوة إلى تقارب الأديان من أخطر الدعوات التي دعت إليها المنهجية الجديدة المتأثرة بالاستشراق، وهي تهدم كل الفوارق الموجودة بين الإسلام الحق والنصرانية المحرفة، كما صرح بذلك أمير علي وقال: "إننا إذا استثنينا عقيدة الأبوة الإلهية لعيسى عليه السلام فهما (الإسلام والمسيحية) في جوهرهما دين واحد، كلاهما وليد القوى الروحية المتشابهة في الإنسانية" اهـ (٤).

وقد أشار إلى خطورة هذه الدعوة الأستاذ محمد حسين فقال: "التقريب بين الأديان إفساد لها وتحدٍّ لسنة الله في خلقه" اهـ (٥) قال تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ


(١) سورة المائدة: ٨٢.
(٢) سورة المائدة: ٥١.
(٣) سورة البقرة: ١٢٠.
(٤) روح الإسلام لأمير علي: ٢/ ١٨٠.
(٥) الإسلام والحضارة الغربية لـ د. محمد حسين: المكتب الإسلامي بيروت ط / ١، ١٣٩٩ هـ.