للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا تناقض العلو والمعية كما أثبت ذلك ابن تيمية رحمه الله من وجوه ثلاثه:

الوجه الأول: أن الله جمع بينهما فيما وصف به نفسه (١) ولو كانا يتناقضان ما صح أن يصف الله بهما نفسه.

الوجه الثاني: أن نقول ليس بين العلو والمعية تعارض أصلًا إذ من الممكن أن يكون الشيء عاليًا وهو معك، فالقمر آية من آيات الله من أصغر مخلوقاته، وهو موضوع في السماء، وهو مع المسافر وغير المسافر أينما كان، (٢) فإذا أمكن اجتماع العلو والمعية في المخلوق فاجتماعهما في الخالق من باب أولى.

الثالث: لو فرض تعارضهما بالنسبة للمخلوق، لم يلزم ذلك بالنسبة للخالق لأن الله ليس كمثله شيء (٣).

[أقوال المتأثرين بالاستشراق]

قال إقبال: "ولما أقدم العالم الإسلامي إلى المشاهدات والواردات الدينية في ضوء الحديث النبوي صلى الله عليه وسلم: "تخلقوا بأخلاق الله" اهـ، (٤) قد وصل إلى مراتب التقرب والاتصال، وقد علمنا من دراسة التاريخ أن هذا الاتصال والاتحاد قد عبر عنه بقولهم: "أنا الحق" أو "أنا الدهر" أو "أنا القرآن الناطق" (٥) أو "سبحاني ما


(١) كما قال تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} سورة الحديد: ٤.
(٢) العقيدة الواسطية مع شرحها لابن عثيمين: ٢/ ٨١.
(٣) ينظر تفاصيل هذه الوجوه في شرح الواسطية: ١/ ٤٠٤ - ٤٠٥، ٨٠ - ١١.
(٤) قال الشيخ الألباني: "لا يعرف له أصلًا في شيء من كتب السنة" (شرح الطحاوية تخريج اللباني، المكتب الإسلامي، بيروت، ط / ٥ - ١٣٩٩ هـ: ص: ١٢٣.
(٥) قد سبق تحقيق هذا القول ونسبته إلى علي -رضي الله عنه- في صفحة ...