للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثاني: قول من يقول، بل هو حالّ في العالم وهو قول الحلولية.

الثالث: قول من يقول: لا هو العالم ولا هو حالّ فيه ولا بائن عنه، ولا متصل به ولا منفصل عنه وهو قول الجهمية" اهـ (١).

وهناك نصوص من الكتاب والسنة تثبت لله عز وجل صفة المعية والقرب، فقد ضلت عامة الحلولية والمعطلة في الاستدلال بتلك النصوص، فحولوها إلى الاتحاد والحلول، وعطلوا بمقابلها صفة العلو والاستواء، وأما أهل السنة والجماعة فقد اهتدوا إلى التفسير الصحيح للمعية والقرب، فأثبتوا لله وصف المعية والقرب كما يليق بجلاله، وأثبتوا له العلو والمباينة كما يليق بجلاله لأنهم نظروا إلى جميع النصوص، إذ أن من أصول المنهج السني الرجوع إلى جميع النصوص الواردة في مسألة ما وعدم الاقتصار على بعضها دون البعض الآخر، ومن خالف هذه القاعدة فقد ضل.

والمعية في (معناها الصحيح) تنقسم إلى أقسام: عامة وخاصة وخاصة الخاصة ولكل قسم من هذه الأقسام مقتضى:

فالعامة: تشتمل كل أحد من مؤمن وكافر وبر وفاجر ومثالها قوله تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (٢) ومقتضاها العلم والسمع والبصر والقدرة والسلطان وغير ذلك.

والخاصة: تشتمل كل وصف بصفة معينة مثل قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} (٣) ومقتضاها النصر والتائيد.

وخاصة الخاصة: تشتمل من ذُكر بالتعيين، مثل قوله تعالى لموسى وهارون: {قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} (٤) وقوله تعالى عن رسوله محمد صلى الله عليه وسلم: {إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} (٥) ومقتضى هذه المعية النصر والتأييد (٦).


(١) الصواعق المرسلة لابن القيم: ٤/ ١٣٣٩.
(٢) سورة الحديد: ٤.
(٣) سورة النحل: ١٢٨.
(٤) سورة طه: ٤٦.
(٥) سورة التوبة: ٤٠.
(٦) ذكر هذه الأقسام الشيخ ابن العثيمين بالتفصيل في شرح الواسطية: ١/ ٤٠٢ - ٤٠١ و ٢/ ٧٩.