للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللهم اشهد، اللهم اشهد، ثلاث مرات (١) هذا عند أبي داود وعند البخاري ثم رفع رأسه فقال اللهم هل بلغت، اللهم هل بلغت ... " اهـ (٢).

ثامنًا: تكذيب فرعون لموسى في أن رب السموات والأرض فوق جميع خلقه مباينًا لهم لا تخفى عليه خافية فقال تعالى: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَاهَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (٣٦) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ} (٣).

وبالجملة "فجميع رسل الله عليهم الصلاة والسلام وجميع كتبه المنزلة وجميع أهل السموات ومؤمني أهل الأرض من الجن والإنس أتباع رسل الله وجميع الفطر السليمة والقلوب المستقيمة التي لم تحتلّها الشياطين عن دينها جميعها شاهدة حالًا ومقالًا أن خالقها وفاطرها ومعبودها الذي تألهه وتفرع إليه وتدعوه رغبًا ورهبًا هو فوق كل شيء عالٍ على جميع خلقه استوى على عرشه بائنًا من مخلوقاته وهو يعلم أعمالهم ويسمع أقوالهم ويرى حركاتهم وسكناتهم وجميع تقلباتهم وأحوالهم ولا يخفى عليه منهم خافية" اهـ (٤).

مع وجود هذه الآيات البينات قد ضلت عامة الحلولية والاتحادية في هذا الباب، فقد أشار إلى مذاهبهم ابن القيم رحمه الله فقال:

"إنه (الله عز وجل) لو لم يكن مباينًا للعالم، لزم أحد أمور ثلاثة، قد قال بكل منها قائل:

أحدها: أن يكون هو هذا العالم كما قال أهل وحدة الوجود، والذي قادهم إلى هذا القول هو نفي المباينة كأن قلوبهم وفطرهم طلبت معبودًا، فلما اعتقدوا أنه غير مباين للعالم، وتيقنوا أنه موجود قائم بنفسه، قالوا: فهو هذا العالم بعينه.


(١) سنن أبي داود: ١/ ٣٥٨ (١٩٠٥) وأصل الحديث في الصحيحين.
(٢) صحيح البخاري مع الفتح: ٣/ ٥٧٣ (١٧٣٩).
(٣) سورة غافر: ٣٦.
(٤) معارج القبول للحكمي: ١/ ١١٠.