للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا كان للسيد أن يثبت وجود الله تعالى بالدليل العقلي فله أن يسلك مسلك العلماء المتقدمين الذي فيها قوة الدلالة واضحة وسلامة الفكر مضمونة كما سبق ذلك في بداية هذا المطلب.

ثانيًا: قول أمير علي:

إن عقيدة التوحيد من الأمور التي يأبى قبولها العقل البشري: بعد أن عرف أمير علي أن عقيدة التوحيد هي الأساس في الإسلام، فلماذا يجعلها مرفوضة في معطيات العقل البشري؟ وهو يعرض الإسلام على المجتمع الغربي الذي يعتمد على العقل البشري كإيماننا بالنقل الصحيح، فإذا رفض العقل البشرى أساس الإسلام فأي شيء يبقى بعد هدم الأساس؟ أليس هذا دليل على ما يدعو إليه أمير علي من تقارب الأديان ومحاولة منه أن يسوي بين النصرانية والإسلام، وقد صرح بدلك في مقام آخر فقال: "إننا إذا استثنينا عقيدة الأبوة الإلهية بعيسى عليه السلام، لم نجد خلافًا أساسيًا بين المسيحية والإسلام، فهما في جوهرهما دين واحد وكلاهما وليد القوى الروحية المتشابهة في الإنسانية" اهـ (١).

ولا شك من أن أساس النصرانية المحرفة عقيدة الأبوة الإلهية لعيسى عليه السلام وأساس الإسلام عقيدة التوحيد، وإذا استثنينا هاتين العقيدتين فهل تتساوى الديانتان؟

الجواب: لا، لأن هناك أمورًا كثيرة تفرق أساسًا بين الإسلام الصحيح والنصرانية المحرفة، بالإضافة إلى شبهة أخرى قد أشار إليها أمير علي في العبارة من أن الديانتين من إنشاء القوى البشرية، ولكننا لسنا بصدد إقامة المقارنة بين الديانتين في هذا المكان، بل إنما نريد الرد على أمير علي في زعمه أن عقيدة التوحيد في الإسلام يأبى قبولها العقل.

وقد أبدا أمير علي في هذا الزعم تأثره بالمنهج الاستشراقي الغربي الوافد لأن المستشرقين عمومًا يرفضون قبول العقيدة السلفية المؤمنة بالآيات والأحاديث التي


(١) روح الإسلام لأمير علي: ٢/ ١٨٠.