للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن المراد بالجن نوازع الشر في النفس الإنسانية وقواها الخبيثة، كما أن المراد بالملائكة نوازع الخير فيها" اهـ (١) كما هو رأي السيد في الملائكة والشياطين.

أما عالم الجن فقد أنكره السيد إنكارًا كاملًا وألف في ذلك كتابًا سماه "تفسير الجن والجان على ما في القرآن" ذكر فيه تسعة عشر آية من كتاب الله وردت فيها كلمة الجن، فصرف معناها إلى الإنس بدون أي دليل عقلي أو شرعي، وقد ذكرنا من تحريفاته مثالًا واحدًا عند ذكر أقواله وفيه كفاية لمن يريد أن يعرف تحريفاته في ذلك، إلا أنه اعتمد كدليل على بعض إطلاقات أهل اللغة كلمة الجن على بعض أقوام من الإنس، ولا تتجاوز هذه الإطلاقات من كونها تشبيهات بليغة لبيان صفتهم الاستتار والإختفاء، كما يطلق كلمة "أسد" لبيان وصف الشجاعة.

ثانيًا: هل حقيقة إبليس قوى بهيمية؟

وقد صرح السيد بهذا القول عند تأويله قصة آدم إلى تمثيل حدث بين الفرقاء الأربعة (٢).

وهذا يدل على أنه يستثنى في إنكاره لعالم الجن الإبليس ويسمي أحيانًا الشيطان فيقول "إن الجن والجان لفظة واحدة، وأطلق على إبليس كلمة "الجن" في سورة الكهف ولكنه مرتبطة بقصة آدم، وكذلك استخدم "الجان" في السورتين "الحجر والرحمن" على إبليس إذ جاء ذكره بمقابل الإنسان، فالمراد بالجن والجان في هذه المواضع الثلاثة إبليس الذي هو شيطان رجيم، ولسنا بصدد تحقيق هذا الجن


(١) مجموع الفتاوى لابن تيمية ٤/ ٣٤٦، وينظر والمصدر نفسه: ٢٤/ ٢٨٠.
(٢) ينظر تفسير القرآن للسيد: ١/ ٥٠ - ٥٧، وقد سبقت الإشارة إلى هذه القصة في المطلب الخاص بـ "آدم" والمطلب الخاص بـ "الملائكة".