للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يكون الخطاب مع من لا يتم المقصود معه إن لم يخاطب بها، وأما إن أريد بها معنى باطل نفي ذلك المعنى، وإن جمع بين حق وباطل أثبت الحق وأبطل الباطل" اهـ (١).

[القاعدة الثالثة: اشتمال الكتاب والسنة على أصول الدين: دلائله ومسائله]

وقد أسّس الإمام ابن القيم رحمه الله لهذه القاعدة قائلا: "إن النصوص (الكتاب والسنة) محيطة بأحكام الحوادث (وبأولى أصول الدين)، ولم يحلنا الله ولا رسوله على رأي ولا قياس (٢)، بل بين الأحكام كلها والنصوص كافية وافية" اهـ (٣).

ودلالة ذلك من القرآن: قوله تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} (٤). وقوله تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} (٥).

قال الإمام القرطبي رحمه الله: " .. أي ما تركنا شيئا من أمر الدنيا إلا وقد دلَلْنا عليه في القرآن إما دلالة مبينة مشروعة، وإما مجملة يتلقى بيانها من الرسول عليه الصلاة والسلام، أو من الإجماع أو من القياس الذي ثبت بنص الكتاب ... فصدق خبر الله ما فرط في الكتاب من شيء إلّا ذكره إما تفصيلا، وإما تأصيلا" اهـ (٦).


(١) منهاج السنة لابن تيمية ٢/ ٥٥٤ - ٥٥٥.
(٢) ليس معنى هذا أن ابن القيم رحمه الله ينكر القياس، بل هو ممن قال بالقياس الصريح الذي لا يخالف النص الصحيح، وأيد موقفه هذا بالأدلة النقلية والعقلية، وإنما الكلام هنا في معرض القول: بأن الله تعالى لم يفرط في كتابه وسنة رسوله من شيء، حتى القياس الذي نقول به مذكور في النصوص الشرعية كدليل شرعي يسار إليه عند الحاجة، فالكتاب والسنة هما المصدران، وأما الإجماع والقياس فمأخذان أو دليلان.
(٣) أعلام الموقعين عن رب العالمين لابن القيم ١: ٢٥٤.
(٤) سورة الأنعام من الآية: ٣٨.
(٥) سورة النحل من الآية: ٨٩.
(٦) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي، مكتبة الرياض الحديثة ٦/ ٢٧١ - ٢٧٠.