للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهكذا قد أراد المتأثرون بالاستشراق تضييق الفجوة بين المسلمين وأعدائهم في هذه العقيدة عقيدة الوحي، فجاؤوا بتعريفات للوحي وشروحات للوحي لكي لا يكون بينها وبين نظريات الأعداء ذلك الصدام الواقع.

إذن الشبهة واسعة الأطراف، فيها إنكار اللوح المحفوظ الذي فيه كلام الله، وفيها إنكار بيت العزة الذي نزل فيه القرآن جملة وأحدة، وفيها إنكار جبريل الأمين الذي كان واسطة بين الله ورسله، فيمكن إجمال هذه المزاعم كلها في شبهة وهي: شبهة الوحي النفسي.

[تفنيد الشبهة]

[شبهة الوحي النفسي]

وللرد على هذه الشبهة نقول:

أولا: قول السيد "يسمع النبي كلامه النفسي بأذنيه" يرده قول النبي صلى الله عليه وسلم -وهو الصادق والمصدوق- حيث سئل كيف يأتيك الوحي فأجاب: "أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس وهو أشدّ عليّ فيفصم عني وقد وعيت عنه ما قال، وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني فأعي ما يقول ... " اهـ (١).

ومن ذلك قوله تعالى -ومن أصدق من الله قيلا-: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} (٢).

ثانيا: أما قول السيد: "إن النبي (صلى الله عليه وسلم) يرى أمامه شخصا خياليا عند نزول الوحي كفاقد العقل" اهـ يرده قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث روته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: " .... حتى جاءه الحق وهو في غار


(١) صحيح البخاري مع الفتح: ١/ ١٨ (٢).
(٢) سورة النساء: ١٦٤.