للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقترب إلى مقومات الشعر في عصره، ولا يرتقي لمستوى حديث الشعراء، ولقد لقبه آخرون بالكاهن، وقال بعضهم الآخر بأنه مؤيد من قبل الجن" اهـ (١).

هذه وغيرها من الاتهامات تفوه بها أعداء الإسلام على الوحي القرآني، فكان مما ينبغي لسيد أحمد خان والدكتور إقبال ومن سلك مسلكهما أن يردوا على هذه الشبهات الاستشراقية بأدلة عقلية ونقلية مقنعة. وأن يقفوا أمام هذه التحديات وقفات جريئة، ولكنهم انساقوا إلى ما قاله المستشرقون، وتركوا ما عندهم من الحق، فرفض السيد مفهوم السلف في مسألة النبوة والوحي بقوله الصريح، واتهم إقبال المحدثين بأن فهمهم لقصة ابن صياد قد تقاصر، ولم يبق بعد الحق إلا الضلال، فقالوا مثل ما قال المستشرقون أنفسهم، ولقد عبر عن هذا الرأي أحد العرب المتأثر بالاستشراق بتعبير بليغ فقال:

"إن الوحي والإلهام كان يفيض من نفس النبي الموحى إليه لا من الخارج، ذلك أن منازع نفسه العالية، وسريرته الطاهرة، وقوة إيمانه بالله، وبوجوب عبادته وترك ما سواها من عبادة وثنية وتقاليد وراثية رديئة، يكون لها في جملتها من التأثير ما يتجلى في ذهنه، ويحدث في عقله الباطن الرؤى والأحوال الروحية، فيتصور ما يعتقد وجوبه إرشادا إلهيا نازلا عليه من السماء بدون وساطة أو يتمثل له رجل يلقنه ذلك، ويعتقد أنه ملك من عالم الغيب، وقد يسمعه يقول ذلك في المنام الذي هو مظهر من مظاهر الوحي عند جميع الأنبياء، فكل ما يخبر به النبي من كلام ألقي في روعه، أو عن ملك ألقاه على سمعه، فهو خبر صادق عنده" اهـ (٢).


(١) The Religios Attitude And Life In Islam, by D.B Macdonald, The University of Chicago Illinois, ١٩٠٦ p.p ٣٣ - ٣٧ نقلا عن منهجية جمع السنة وجمع الأناجيل لـ د. عزيزة علي طه، ط/ ٢، ١٤١٧ هـ / ١٩٩٦ م ص: ٢٧٢٨.
(٢) الوحي المحمدي لمحمد رشيد رضا ص: ٧٥.