للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واسعة في الشعاب، وكان كلما سار خيل إليه أن أصواتا تخرج من الحجارة ... هذه الكواكب تكون في ليالي صيف الصحراء من الكثرة وشدة النور ما يخيل معه أنه يسمع صوتا لِلَمَعَانِهَا كما يسمع صوت نار موقد كبير" اهـ (١).

ويقول المستشرق "لوثروب ستودارد": "كان محمد أميا لا يقرأ ولا يكتب ولم يكن فيلسوفا ولكنه لم يزل يفكر في هذا الأمر إلى أن تكونت في نفسه بطريق الكشف التدريجي المستمر عقيدة كان يراها الكفيلة بالقضاء على الوثنية" اهـ (٢).

وقال أيضا: "إن سبب الوحي النازل على محمد (صلى الله عليه وسلم) والدعوة التي قام بها هو ما كان ينتابه من داء الصرع" اهـ (٣).

أما "ماكدونالد" فقد اتهم محمدا صلى الله عليه وسلم بأن الغيرة قد أخذته من غلام يهودي كان يُدعى ابن صياد، لأنه كان يتمتع بالظواهر نفسها التي سماها "ماكدونالد" ظواهر مرض الصرع، فيقول: "كان هناك طفل يهودي في الثالثة عشرة من العمر يُدعى ابن صياد .... " اهـ، ثم ذكر القصة بأسلوبه الماكر وأخيرا استنتج نتيجة يقول فيها: "إنه لمن الواضح والبين أن محمدا كان يميز ما حوله من ظواهر شبيهة بالظاهرة التي كانت تعتريه، وكان يعلم أنه لا توجد خطورة عليه من تلك الظواهر وأصحابها، ولكن كان يجب عليه أن يضع لها تعليلا لكي لا ينصرف الناس منه إليها، فأخبر من حوله بأنه أوحي إليه، وأن تلك الظواهر الشبيهة بظاهرته إنما هي من التكهن، فبينما يؤيده هو ملك يسمى بروح القدس، فإن الكهنة يؤيد هم الجن ... لكن بالرغم من كل المحاولات كان معارضوه يلقبونه بالشاعر رغم أن ما كان يقوله


(١) حياة محمد لأميل درمنغم ترجمة عادل زعيتر، دار إحياء الكتب العربية، القاهرة، ١٩٤٢ م ص: ٥٦.
(٢) حاضر العالم الإسلامي لـ لوثروب ستودارد، تعليق: شكيب أرسلان، ترجمة: عجاج نوبهز دار الفكر، بيروت ١٣٩٤ هـ/ ١٩٧٣ م، ط/ ١: ٤/ ٣٩.
(٣) المرجع السابق: ١/ ٣٤.