للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الشبهة الثانية: إنكار حقيقة استواء الرب على عرشه العظيم]

للرد على هذا الزعم يقال للسيد: ما قيل لعامة المعطلة من الجهمية والأشاعرة في مسألة الاستواء.

أولًا: قول المعطلة والمؤولة هذا مخالف لظاهر النصوص الواردة في ذلك.

ثانيًا: قولهم هذا مخالف لإجماع الصحابة، وإجماع السلف قاطبة إذ لم ينقل عنهم أنهم قالوا به، وخالفوا الظاهر، ولو كانوا يرون خلاف ظاهره لنقل إلينا فما منهم أحد قال: إن "استوى" بمعنى استولى أبدًا، ظل الأمر كذلك حتى جاء الجهمية ومن تبعهم من المعتزلة وبعض متأخري الأشاعرة كالغزالي (١)، والبغدادي (٢)، والرازي (٣)، والآمدي (٤) فأوّلوا الصفات، وأخرجوها عن ظاهرها إلى معان لا تحتملها اللغة ولا يصيغها الشرع (٥).

ثالثًا: أنه مخالف لظاهر اللفظ، لأن مادة الاستواء، إذا تعدت بـ "على"، فهو بمعنى العلو والاستقرار، لا غير كما أثبتنا ذلك من قبل، وأما البيت الذي استدلوا به، فقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فيه: ولم يثبت نقل صحيح أنه شعر عربي، وكان غير واحد من أئمة اللغة أنكروه، وقالوا إنه بيت مصنوع، لا يعرف في اللغة، وقد علم لو احتج بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لاحتاج إلى صحته فكيف بيت من الشعر لا يعرف إسناده وقد طعنوا فيه أئمة اللغة (٦).

رابعًا: أنه يلزم على تفسير هم الاستواء بالاستعلاء لوازم باطلة منها:


(١) في الاقتصاد تقديم عادل العلوا، دار الأمانة، ١٩٦٩ م ص: ١٠٤.
(٢) في أصول الدين مطبعة الدولة استنبول ط/١، ١٣٢٨ هـ ص: ١٢٣.
(٣) في أساس التقديس مطبعة مصطفى الحلبي ١٣٥٤ هـ كل الكتاب.
(٤) في غاية المرام تحقيق حسن عبد اللطيف المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، القاهرة ١٩٧١ م ص: ١٤١.
(٥) ينظر شرح الواسطية ابن عثيمين: ١/ ٣٨١، حاشية الحجة ٢/ ٨١.
(٦) مجموع الفتاوى لابن تيمية: ٥/ ١٤٦.