للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تمهيد]

القدر في اللغة: بفتح الدال وإسكانها لغتان بمعنى: مبلغ الشيء وكنهه، قال ابن فارس: "أصل صحيح يدل على مبلغ الشيء وكنهه ونهايته (١) ... قال الجوهري: "قدْر الشيء مبلغه ... والقدَر والقدْر أيضا ما يقدّره عز وجل من القضاء" اهـ (٢).

والقضاء في اللغة: "الحكم وأصله قَضَايٌ لأنه من قَضَيْتُ والجمع الأَقْضِيَةُ، والقَضِيَّةُ مثله، والجمع القَضَايَا، وقضى أي حكم ومنه قوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (٣) ....

وقد يكون بمعنى الصنع والتقدير، .... يقال: قضاه أي صنعه وقدّره ومنه قوله تعالى: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ} ومنه القضاء والقدر" اهـ (٤).

ويراد به في الشرع: "الإيمان بالقضاء والقدر وهو ما قدر الله وقضاه وسبق به علمه وإرادته (٥). "وأن الله تعالى علم مقادير الأشياء وأزمانها قبل إيجادها ثم أوجد ما سبق في علمه أن يوجد فكل محدث صادر عن علمه وقدرته وإرادته، هذا هو المعلوم من الدين بالبراهين القطعية، وعليه كان السلف من الصحابة وخيار التابعين إلى أن حدثت بدعة القدر في أواخر زمن الصحابة" اهـ (٦).

ولا يعد المرء مؤمنا بالقدر حتى يؤمن بمراتبه الأربع التي هي بمثابة الأركان منه، من أقلّ بإحداها فليس هو بمؤمن بالقدر حقيقة، وهي علم الله وكتابته ومشيئته وخلقه.


(١) معجم مقاييس اللغة لابن فارس: ٥/ ٦٢ مادة "ق د ر".
(٢) الصحاح للجوهري: مادة "ق د ر ".
(٣) سورة الإسراء: ٢٣.
(٤) الصحاح للجوهري: مادة "ق ض ي".
(٥) شرح صحيح مسلم للنووي: ١٥ - ١٦/ ٤٤٤.
(٦) فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر: ١/ ١١١٨.